الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال

                                                                                                                                                                                                        1143 حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بين بني عمرو بن عوف بن الحارث وحانت الصلاة فجاء بلال أبا بكر رضي الله عنهما فقال حبس النبي صلى الله عليه وسلم فتؤم الناس قال نعم إن شئتم فأقام بلال الصلاة فتقدم أبو بكر رضي الله عنه فصلى فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف يشقها شقا حتى قام في الصف الأول فأخذ الناس بالتصفيح قال سهل هل تدرون ما التصفيح هو التصفيق وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته فلما أكثروا التفت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم في الصف فأشار إليه مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله ثم رجع القهقرى وراءه وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة ) قال ابن رشيد : أراد إلحاق التسبيح بالحمد بجامع الذكر لأن الذي في الحديث الذي ساقه ذكر التحميد دون التسبيح . قلت : بل الحديث مشتمل عليهما ، لكنه ساقه هنا مختصرا ، وقد تقدم في " باب من دخل ليؤم الناس " من أبواب الإمامة من طريق مالك ، عن أبي حازم وفيه : " فرفع أبو بكر يديه ، فحمد الله تعالى " . وفي آخره : من نابه شيء في صلاة ، فليسبح . وسيأتي في أواخر أبواب السهو عن قتيبة ، عن عبد العزيز بن أبي حازم ، وفيه هذا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( للرجال ) : قال ابن رشيد : قيده بالرجال ، لأن ذلك عنده لا يشرع للنساء . وقد أشعر بذلك تبويبه بعد ، حيث قال : " باب التصفيق للنساء " ، ووجهه أن دلالة العموم لفظية وضعية ، ودلالة المفهوم من لوازم اللفظ عند الأكثرين ، وقد قال في الحديث : التسبيح للرجال والتصفيق للنساء . فكأنه قال : لا تسبيح إلا للرجال ، ولا تصفيق إلا للنساء ، وكأنه قدم المفهوم على العموم للعمل بالدليلين ، لأن في أعمال العموم إبطالا للمفهوم . ولا يقال : إن قوله : " للرجال " من باب اللقب ، لأنا نقول : بل هو من باب الصفة ، لأنه في معنى الذكور البالغين . انتهى .

                                                                                                                                                                                                        وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث في الباب المذكور . وفيه من الفوائد مما تقدم بعضها مبسوطا : جواز تأخير الصلاة عن أول الوقت ، وأن المبادرة إليها أولى من انتظار الإمام الراتب ، وأنه لا ينبغي التقدم على الجماعة إلا برضا منهم ، يؤخذ ذلك من قول أبي بكر " إن شئتم " مع علمه بأنه أفضل الحاضرين . وأن الالتفات في الصلاة لا يقطعها . وأن من سبح أو حمد لأمر ينوبه [ ص: 92 ] لا يقطع صلاته ، ولو قصد بذلك تنبيه غيره خلافا لمن قال بالبطلان . وقوله فيه : " فقال سهل " أي ابن سعد راوي الحديث : " هل تدرون ما التصفيح ؟ هو التصفيق " . وهذه حجة لمن قال : إنهما بمعنى واحد ، وبه صرح الخطابي ، وأبو علي القالي ، والجوهري وغيرهم ، وادعى ابن حزم نفي الخلاف في ذلك ، وتعقب بما حكاه عياض في الإكمال أنه بالحاء : الضرب بظاهر إحدى اليدين على الأخرى ، وبالقاف : بباطنها على باطن الأخرى ، وقيل : بالحاء : الضرب بأصبعين للإنذار والتنبيه ، وبالقاف : بجميعها للهو واللعب ، وأغرب الداودي ، فزعم أن الصحابة ضربوا بأكفهم على أفخاذهم ، قال عياض : كأنه أخذه من حديث معاوية بن الحكم الذي أخرجه مسلم ، ففيه : فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية