الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مهادنة من يقوى على قتاله .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا سأل قوم من المشركين مهادنة فللإمام مهادنتهم على النظر للمسلمين رجاء أن يسلموا أو يعطوا الجزية بلا مؤنة وليس له مهادنتهم إذا لم يكن في ذلك نظر وليس له مهادنتهم على النظر على غير الجزية أكثر من أربعة أشهر لقول الله عز وجل { براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين } إلى قوله { أن الله بريء من المشركين ورسوله } الآية وما بعدها .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى { لما قوي أهل الإسلام أنزل الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم مرجعه من تبوك { براءة من الله ورسوله } فأرسل بهذه الآيات مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه فقرأها على الناس في الموسم وكان فرضا أن لا يعطي لأحد مدة بعد هذه الآيات إلا أربعة أشهر } ; لأنها الغاية التي فرضها الله عز وجل قال : { وجعل النبي صلى الله عليه وسلم لصفوان بن أمية بعد فتح مكة بسنين أربعة أشهر } لم أعلمه زاد أحدا بعد أن قوي المسلمون على أربعة أشهر .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فقيل : كان الذين عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم قوما موادعين إلى غير مدة معلومة فجعلها الله عز وجل أربعة أشهر ثم جعلها رسوله كذلك وأمر الله تبارك وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم في قوم عاهدهم إلى مدة قبل نزول الآية أن يتم إليهم عهدهم إلى مدتهم ما استقاموا له ومن خاف منه خيانة نبذ إليه فلم يجز أن يستأنف مدة بعد نزول الآية وبالمسلمين قوة إلى أكثر من أربعة أشهر لما وصفت من فرض الله عز وجل فيهم وما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ولا أعرف كم كانت مدة النبي صلى الله عليه وسلم ومدة من أمر أن يتم إليه عهده إلى مدته قال ويجعل الإمام المدة إلى أقل من أربعة أشهر إن رأى ذلك وليس بلازم له أن يهادن بحال إلا على النظر للمسلمين ويبين لمن هادن ويجوز له في النظر لمن رجا إسلامه ، وإن تكن له شوكة أن يعطيه مدة أربعة أشهر إذا خاف إن لم يفعل أن يلحق بالمشركين ، وإن ظهر على بلاده ، فقد صنع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بصفوان حين خرج هاربا إلى اليمن من الإسلام ثم [ ص: 202 ] أنعم الله عز وجل عليه بالإسلام من قبل أن تأتي مدته ومدته أشهر .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فإن جعل الإمام لمن قلت ليس له أن يجعل له مدة أكثر من أربعة أشهر فعليه أن ينبذ إليه لما وصفت من أن ذلك لا يجوز له ويوفيه المدة إلى أربعة أشهر لا يزيده عليها ، وليس له إذا كانت مدة أكثر من أربعة أشهر أن يقول لا أفي لك بأربعة أشهر ; لأن الفساد إنما هو فيما جاوز الأربعة الأشهر .

التالي السابق


الخدمات العلمية