الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      اختلف في التكليف هل يكون معتبرا بالأصلح ؟ [ ص: 53 ] فالذي عليه أكثر المتكلمين أنه معتبر بالأصلح ، لأن المقصود منه منفعة العباد .

                                                      وذهب الفقهاء وجمع من المتكلمين وهو المنسوب إلى الأشعرية إلى أنه موقوف على مشيئة الله تعالى من مصلحة وغيرها ، لأنه مالك لجميعها ، فمن اعتبر بالأصلح منع من تكليف ما لا يطاق ، وبه يصح تكليف ما لحقت فيه المشقة المحتملة .

                                                      واختلف في صحة التكليف بما لا مشقة فيه ، فجوزها الفقهاء ، ومنع منها بعض المتكلمين ، وقد ورد التعبد بتحويل القبلة ، من بيت المقدس إلى الكعبة ، وليس فيه مشقة .

                                                      قال القاضي : ومتعلق التكليف اكتساب العبد الأفعال ، ولا يتعلق بذواتها ولا بحدوثها ، فإن ذلك بقدرة الله تعالى خلافا للمعتزلة في قولهم . التكليف متعلق بالإيجاد والإحداث ، وأصل الخلاف خلق الأفعال عندهم . ولا يعقل التكليف إلا باجتماع أربعة أمور : التكليف وهو المصدر ، والمكلف وهو من يقوم به التكليف ، وأصله طالب ملزم ، لكن قد حققنا أنه لا يجب إلا طاعة الله ، وطاعة من أوجب طاعته المكلف ، وهو الذي استدعى منه الفعل ، والمكلف به هو المطلوب ، وإنما يشتق اسم الفاعل ، أو المفعول من المصادر ، فلهذا قدمنا الكلام على [ ص: 54 ] التكليف ، ومن جملته معرفة الطائع ليثاب والعاصي ليعاقب ، فلهذا اشترط لهذا شروط بعضها في المكلف ، وبعضها في المكلف به ، وحكم المكلف والتكليف قد عرفا فلنتكلم على الأخيرين .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية