الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الخامسة والخمسون

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا } اختلف الناس في نسخ هذه الآية ; فكان عطاء يحلف أنها ثابتة ; لأن الآيات التي بعدها عامة في الأزمنة وهذا خاص ; والعام لا ينسخ بالخاص باتفاق .

                                                                                                                                                                                                              وقال سائر العلماء : هي منسوخة ; واختلفوا في الناسخ ; فقال الزهري : نسخها قوله تعالى : { وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة } وقال غيره : نسختها : { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } وقال غيره : نسخها { غزو النبي صلى الله عليه وسلم ثقيفا في الشهر الحرام وإغزاؤه أبا عامر إلى أوطاس في الشهر الحرام } ; وهذه أخبار ضعيفة .

                                                                                                                                                                                                              وقال غيره : نسختها بيعة الرضوان على القتال في ذي القعدة ، وهذا لا حجة فيه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن عثمان قتل بمكة ، وأنهم عازمون على حربه ، فبايع على دفعهم لا على الابتداء .

                                                                                                                                                                                                              وقال المحققون : نسخها قوله تعالى : { فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا [ ص: 207 ] المشركين حيث وجدتموهم } يعني أشهر التسيير ، فلم يجعل حرمة إلا لزمان التسيير .

                                                                                                                                                                                                              والصحيح أن هذه الآية رد على المشركين حين أعظموا على النبي صلى الله عليه وسلم القتال والحماية في الشهر الحرام ; فقال الله تعالى : { وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة } وهي الكفر في الشهر الحرام أشد من القتل ; فإذا فعلتم ذلك كله في الشهر الحرام تعين قتالكم فيه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية