الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهدا "؛ إن المشركين مغرورون بالدنيا؛ غرتهم بغرورها؛ وحسبوا أنها لا حياة بعدها؛ وقدروا لأنفسهم مقاديرها؛ فهم يستمتعون بحاضرهم؛ ويحسبون أن قابلهم من جنس حاضرهم؛ بل ذهب بهم فرط غرورهم إلى أن حسبوا أن البعث إن كان يكونون فيه الأعلين؛ كما هم في الدنيا؛ وقوله (تعالى): أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا الفاء للترتيب والتعقيب؛ وهي تصور كيف يمد للكافر حتى يصيبه الغرور؛ وهي مؤخرة عن تقديم؛ وتقدير القول: "فأرأيت "؛ ولكن الاستفهام له الصدارة فقدم على الفاء؛ والاستفهام للإنكار؛ إنكار الواقع؛ وهو بمعنى التنديد لمن كانت حاله كذلك في غروره؛ وقوله (تعالى): الذي كفر بآياتنا أي: جحدها؛ وأنكر دلالتها على وحدانية الواحد الأحد؛ الفرد الصمد؛ وهذا من الاستنكار الذي أفاده الاستفهام؛ وقال - مقسما قسما هو حانث فيه -: لأوتين مالا وولدا واللام لام القسم الواقعة في جوابه؛ ولذا كان التوكيد بنون التوكيد الثقيلة؛ وما كان له أن يحلف تلك اليمين الفاجرة الآثمة بأن سيكون له مال وولد؛ وقال في قسمه الحانث: "لأوتين "؛ أي أنه بإرادته وقدرته الواهمة سيكون له مال قد اتخذه؛ وأخذه [ ص: 4683 ] لنفسه؛ وقد قال - في بيان أنه مغرور؛ ولا يكون المغرور صادقا:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية