الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 77 ] ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ( 102 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) قال مقاتل بن حيان : كان بين الأوس والخزرج عداوة في الجاهلية وقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ، فأصلح بينهم فافتخر بعده منهم رجلان : ثعلبة بن غنم من الأوس وأسعد بن زرارة من الخزرج ، فقال الأوسي : منا خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين ، ومنا حنظلة غسيل الملائكة ، ومنا عاصم بن ثابت بن أفلح حمي الدبر ، ومنا سعد بن معاذ الذي اهتز [ لموته ] عرش الرحمن ورضي الله بحكمه في بني قريظة .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال الخزرجي : منا أربعة أحكموا القرآن : أبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد ، ومنا سعد بن عبادة خطيب الأنصار ورئيسهم ، فجرى الحديث بينهما فغضبا وأنشدا الأشعار وتفاخرا ، فجاء الأوس والخزرج ومعهم السلاح فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى هذه الآية : ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ) .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال عبد الله بن مسعود وابن عباس : هو أن يطاع فلا يعصى ، قال مجاهد : أن تجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ولا تأخذكم في الله لومة لائم وتقوموا لله بالقسط ولو على أنفسكم وآبائكم وأبنائكم . وعن أنس أنه قال : لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يخزن لسانه .

                                                                                                                                                                                                                                      قال أهل التفسير : فلما نزلت هذه الآية شق ذلك عليهم ، فقالوا : يا رسول الله ومن يقوى على هذا؟ فأنزل الله تعالى : " فاتقوا الله ما استطعتم " ( التغابن 16 ) فنسخت هذه الآية وقال مقاتل : ليس في آل عمران من المنسوخ إلا هذا . .

                                                                                                                                                                                                                                      ( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي : مؤمنون ، وقيل مخلصون مفوضون أموركم إلى الله عز وجل وقال الفضيل : محسنون الظن بالله .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو بكر العبدوسي ، أخبرنا أبو بكر بن محمد بن حمدون بن خالد بن يزيد ، أخبرنا سليمان بن سيف ، أخبرنا وهب بن جرير ، أنا شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس اتقوا الله حق تقاته فلو أن قطرة من الزقوم قطرت على الأرض لأمرت على أهل الدنيا معيشتهم ، فكيف بمن هو طعامه وليس له طعام غيره " ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية