الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما [ ص: 243 ] ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى لا يغفر الإشراك به وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء وأن من أشرك به فقد افترى إثما عظيما .

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر في مواضع أخر : أن محل كونه لا يغفر الإشراك به إذا لم يتب المشرك من ذلك ، فإن تاب غفر له كقوله : إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا الآية [ 25 \ 70 ] ، فإن الاستثناء راجع لقوله : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر [ 25 \ 68 ] ، وما عطف عليه ; لأن معنى الكل جمع في قوله : ومن يفعل ذلك يلق أثاما الآية [ 25 \ 68 ] وقوله : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ 8 \ 38 ] . وذكر في موضع آخر : أن من أشرك بالله قد ضل ضلالا بعيدا عن الحق ، وهو قوله في هذه السورة الكريمة أيضا : إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا [ 4 \ 116 ] ، وصرح بأن من أشرك بالله فالجنة عليه حرام ومأواه النار بقوله : إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار [ 5 ] ، وقوله : ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين [ 7 \ 50 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر في موضع آخر أن المشرك لا يرجى له خلاص ، وهو قوله : ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق [ 22 \ 31 ] ، وصرح في موضع آخر : بأن الإشراك ظلم عظيم بقوله عن لقمان مقررا له : إن الشرك لظلم عظيم [ 31 \ 13 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وذكر في موضع آخر أن الأمن التام والاهتداء ، إنما هما لمن لم يلبس إيمانه بشرك ، وهو قوله : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون [ 6 \ 82 ] ، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن معنى بظلم بشرك .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية