الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في المرأة ترى في المنام مثل ما يرى الرجل

                                                                                                          122 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت جاءت أم سليم بنت ملحان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن الله لا يستحيي من الحق فهل على المرأة تعني غسلا إذا هي رأت في المنام مثل ما يرى الرجل قال نعم إذا هي رأت الماء فلتغتسل قالت أم سلمة قلت لها فضحت النساء يا أم سليم قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهو قول عامة الفقهاء أن المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل فأنزلت أن عليها الغسل وبه يقول سفيان الثوري والشافعي قال وفي الباب عن أم سليم وخولة وعائشة وأنس [ ص: 326 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 326 ] قوله : ( جاءت أم سليم ابنة ملحان ) بكسر الميم وسكون اللام والحاء المهملة هي أم أنس بن مالك وفي اسمها خلاف ، تزوجها مالك بن النضر أبو أنس بن مالك فولدت له أنسا ثم قتل عنها مشركا فأسلمت فخطبها أبو طلحة وهو مشرك فأبت ودعته إلى الإسلام فأسلم وقالت : إني أتزوجك ولا آخذ منك صداقا لإسلامك ، فتزوجها أبو سلمة ، روى عنها خلق كثير .

                                                                                                          ( إن الله لا يستحيي من الحق ) قدمت هذا القول تمهيدا لعذرها في ذكر ما يستحيا منه ، والمراد بالحياء هنا معناه اللغوي إذ الحياء الشرعي خير كله ، والحياء لغة تغير وانكسار وهو مستحيل في حق الله تعالى فيحمل هنا على أن المراد أن لا يأمر بالحياء في الحق أو لا يمنع من ذكر الحق ، وقد يقال إنما يحتاج إلى التأويل في الإثبات ولا يشترط في النفي أن يكون ممكنا لكن لما كان المفهوم يقتضي أنه يستحيي من غير الحق عاد إلى جانب الإثبات فاحتيج إلى تأويله قاله ابن دقيق العيد كذا في الفتح .

                                                                                                          ( فهل على المرأة - تعني غسلا - إذا هي رأت في المنام مثل ما يرى الرجل ) وفي رواية أحمد من حديث أم سليم أنها قالت : يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ ( قال نعم إذا هي رأت الماء ) أي المني بعد الاستيقاظ .

                                                                                                          ( فلتغتسل ) فيه دليل على وجوب الغسل على المرأة بالإنزال وكأن أم سليم لم تسمع حديث " الماء من الماء " أو سمعته وقام عندها ما يوهم خروج المرأة عن ذلك ، وهو ندور بروز الماء منها ، وقد روى أحمد من حديث أم سليم هذه القصة أن أم سلمة قالت : يا رسول الله وهل للمرأة ماء؟ فقال : هن شقائق الرجال ، وروى من حديث خولة بنت حكيم في نحو هذه القصة " ليس عليها غسل حتى تنزل كما ينزل الرجل " .

                                                                                                          ( فضحت النساء يا أم سليم ) إذ حكيت عنهن ما يدل على كثرة شهوتهن ، قاله في مجمع البحار ، وقال الحافظ : هذا يدل على أن كتمان مثل ذلك من [ ص: 327 ] عادتهن لأنه يدل على شدة شهوتهن للرجال .

                                                                                                          قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن أم سليم وخولة وعائشة وأنس ) أما حديث أم سليم فأخرجه مسلم ، وأما حديث خولة فأخرجه النسائي وأحمد ، وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم ، وأما حديث أنس فأخرجه أيضا مسلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية