الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في تعليقه بالحمل

                                                                                                                          إذا قال : إن كنت حاملا ، فأنت طالق ، فتبين أنها كانت حاملا ، تبينا وقوع الطلاق حين اليمين ، وإلا فلا ، وإن قال : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ، فهي بالعكس ، ويحرم وطؤها قبل استبرائها في إحدى الروايتين ، إن كان الطلاق بائنا ، وإن قال : إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة ، وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين ، فولدت ذكرا وأنثى - طلقت ثلاثا ، وإن كان مكان قوله " إن كنت حاملا " : إن كان حملك ، لم تطلق إذا كانت حاملا بهما .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في تعليقه بالحمل

                                                                                                                          ( إذا قال : إن كنت حاملا ، فأنت طالق ، فتبين أنها كانت حاملا ، تبينا [ ص: 340 ] وقوع الطلاق حين اليمين ) بأن تلد لأقل من ستة أشهر من حين اليمين ، فيقع الطلاق بوجود شرطه منذ حلف ، وكذا بينهما ، ولم يطأ ( وإلا فلا ) بأن تلد لأكثر من أربع سنين ، فإنها لا تطلق ، فإن ولدت بين المدتين ، وكان الزوج يطؤها ، فولدت لدون نصف سنة منذ وطئ ، وقع ؛ لعلمنا أنه ليس من الوطء ، وإن ولدته لأكثر منها فوجهان ، أصحهما : لا تطلق ؛ لأن النكاح باق بيقين ، والظاهر حدوث الولد من الوطء ؛ لأن الأصل عدمه قبله ، ونصه : يقع إن ظهر للنساء أو خفي ، فولدته لتسعة أشهر فأقل .

                                                                                                                          ( وإن قال : إن لم تكوني حاملا فأنت طالق ، فهي بالعكس ) فيما إذا كان الشرط عدميا ، فتطلق في كل موضع لا تطلق في المسألة السابقة ، وعكسه بعكسه ، وفي " الكافي " : كل موضع لا يقع ثمة يقع هنا ، وفيه وجهان ، أحدهما : تطلق ؛ لأن الأصل عدم الحمل ، والثاني : لا ؛ لأن الأصل بقاء النكاح ( ويحرم وطؤها قبل استبرائها ) في المسألتين ( في إحدى الروايتين ، إن كان الطلاق بائنا ) نص عليه ؛ لأنه يحتمل أن يكون شرط الطلاق حاصلا ، فيكون واطئا بائنا ، وشرط البينونة ؛ لأنه إذا كان رجعيا وقدر حصول الشرط ، يكون واطئا رجعية ، وهو حلال على المذهب ، وقال القاضي : ولو رجعية مباحة منذ حلف ، وعنه : بظهور حمل ، ويكفي الاستبراء بحيضة ماضية أو موجودة ، نص عليه ، وقيل : لا ، وذكره في " الترغيب " عن أصحابنا ، وعنه : تعتبر ثلاثة أقراء ؛ لأنها حرة أنهت العدة ، والصحيح الأول ؛ لأن المقصود معرفة براءة رحمها ، وذلك حاصل بحيضة ؛ لأن ما تعلم به البراءة في حق الأمة ، تعلم به في حق الحرة ؛ لأنه أمر حقيقي لا يختلف بالحرية والرق ، [ ص: 341 ] وأما العدة ، ففيها نوع تعبد ، وهل تعتد بالاستبراء قبل عقد اليمين أو بالحيضة التي حلف فيها ؛ على وجهين ، أصحهما : الاعتداد به ، قاله في " الشرح " ، والثانية : لا يحرم وطؤها ؛ لأن الأصل بقاء النكاح .

                                                                                                                          فرع : إذا قال : إذا حملت ، لم يقع إلا بحمل متجدد ، ولا يطأ حتى تحيض ، ثم يطأ كل طهر مرة ، وعنه : يجوز أكثر .

                                                                                                                          ( وإن قال : إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق واحدة ، وإن كنت حاملا بأنثى فأنت طالق اثنتين ، فولدت ذكرا وأنثى - طلقت ثلاثا ) ؛ لوجود الصفة ، واستحقا من وصيته ، وإن ولدت ذكرا - فطلقة ، وإن كانا ذكرين فطلقة ، وقيل : اثنتان ، وإن ولدت أنثى أو اثنتين - فطلقتين ، وقال ابن حمدان : تطلق بالاثنتين ثلاثا ( وإن كان مكان قوله " إن كنت حاملا " : إن كان حملك ) أو ما في بطنك ( لم تطلق إذا كانت حاملا بهما ) وهو قول أبي ثور ؛ لأن حملها كله ليس بغلام ولا جارية ، وقال القاضي : في وقوع الطلاق وجهان بناء على الروايتين فيمن حلف : لا لبست ثوبا من غزلها ، فلبس ثوبا فيه منه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية