الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( فصل وإن أتلف ) بالبناء للمفعول مغصوب ( أو تلف مغصوب ) كحيوان قتله غاصب أو غيره . أو مات حتف أنفه ، ولو غصبه مريضا فمات من مرضه . وكثوب أحرقه شخص أو احترق بصاعقة ونحوه ( ضمن ) مغصوب ( مثلي . وهو ) أي المثلي ( كل مكيل ) من حب وتمر ومائع وغيرهما ( أو موزون ) كحديد ونحاس ورصاص وذهب وفضة وحرير وكتان وقطن ونحوها ، ( لا صناعة فيه ) أي المكيل ، بخلاف نحو هريسة . أو الموزون بخلاف حلي وأسطال ونحوها ( مباحة ) خرج أواني الذهب والفضة فتضمن بوزنها لتحريم صناعتها . ويأتي ( يصح السلم فيه ) بخلاف نحو جوهر ولؤلؤ ( بمثله ) متعلق بضمن ، نصا . لأن المثل أقرب إليه من القيمة لمماثلته له من طريق الصورة والمشاهدة والمعنى ، بخلاف القيمة فإنها تماثل من طريق الظن والاجتهاد . وسواء تماثلت أجزاء المثلي أو تفاوتت [ ص: 318 ] كالأثمان ولو دراهم مغشوشة رائجة والحبوب والأدهان ونحوها ، وفي رطب صار تمرا وسمسم صار شيرجا يخير مالكه فيضمنه أي : المثلين أحب . وأما مباح الصناعة كمعمول حديد ونحاس وصوف وشعر مغزول فيضمن بقيمته لتأثير صناعته في قيمته وهي مختلفة ، والقيمة فيه أحضر . ( فإن أعوز ) مثلي المتلف أي : تعذر لعدم أو بعد أو غلاء ( ف ) الواجب ( قيمة مثله يوم إعوازه ) أي : المثلي لوجوب القيمة في الذمة حين انقطاع المثل كوقت تلف المتقوم ودليل وجوبها إذن : أنه يستحق طلبها ويجب على الغاصب أداؤها ولا يبقى وجوب المثل للعجز عنه . ولأنه لا يستحق طلبه ولا استيفاءه ، ( فإن قدر ) من وجب عليه المثل ( على المثل ) قبل دفع القيمة ( لا بعد أخذها وجب ) المثل ; لأنه الأصل . وقد قدر عليه قبل أداء البدل ولو بعد الحكم عليه بالقيمة كمن عدم الماء ثم قدر عليه قبل انقضاء الصلاة . فإن أخذ المالك القيمة عنه استقر حكمها ولم ترد ، ولا طلب بالمثل إذن لحصول البراءة بأخذها ( و ) ضمن ( غيره ) أي : غير المثلي إذا تلف أو أتلف ( بقيمته يوم تلفه ) لحديث ابن عمر مرفوعا " { من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل } " متفق عليه ، فأمر بالتقويم في حصة الشريك ; لأنها متلفة بالعتق ولم يأمره بالمثل . ولأن غير المثلي لا تتساوى أجزاؤه وتختلف صفاته . فالقيمة فيه أعدل وأقرب إليه ، وتعتبر قيمته ( في بلد غصبه من نقده ) أي : بلد الغصب ; لأنه موضع الضمان ومقتضى التعدي ( فإن تعدد ) نقد بلد غصبه بأن كان فيه نقود ( ف ) القيمة ( من غالبه ) رواجا لانصراف اللفظ إليه كما لو باع بنقد مطلق .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية