الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في تعليقه بالولادة

                                                                                                                          إذا قال : إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة ، وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين ، فولدت ذكرا ثم أنثى ، طلقت بالأول ، وبانت بالثاني ، ولم تطلق به ، ذكره أبو بكر ، وقال ابن حامد : تطلق به ، وإن أشكل كيفية وضعهما ، وقعت واحدة بيقين ولغا ما زاد ، وقال القاضي : قياس المذهب أن يقرع بينهما ، ولا فرق بين أن تلده حيا أو ميتا .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل

                                                                                                                          في تعليقه بالولادة

                                                                                                                          إذا علقه بها ، فألقت ما تصير به الأمة أم ولد - وقع ، ويقبل قوله في عدم الولادة ، قال القاضي وأصحابه : إن لم يقر بالحمل ، وإن شهد بها النساء - وقع في [ ص: 342 ] ظاهر كلامه ، وقيل : لا كمن حلف بطلاق ما غضب أو لا غضب ، فثبت ببينة مال - لم تطلق في الأصح .

                                                                                                                          ( إذا قال : إن ولدت ذكرا فأنت طالق واحدة ، وإن ولدت أنثى فأنت طالق اثنتين ، فولدت ذكرا ثم أنثى ) أو خنثى ، قاله في " الكافي " ( طلقت بالأول ) ؛ لأن شرطه ولادة ذكر وأنثى ، وقد وجد ( وبانت بالثاني ، ولم تطلق به ذكره أبو بكر ) وصححه في " الكافي " و " الشرح " ؛ لأن العدة انقضت بوضعه ، فصادفها الطلاق بائنا ، كقوله : إذا مت فأنت طالق ( وقال ابن حامد : تطلق به ) وأومأ إليه ، قاله في " المنتخب " ؛ لأن زمن البينونة زمن الوقوع ، فلا تنافي بينهما ، وفي " نكت المحرر " : ويعايا بها على أصلنا : إن الطلاق بعد الدخول ولا مانع ، والزوجان مكلفان لا عدة فيه ، ويقال : طلاق بلا عوض دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح لا رجعة فيه ، فإن ولدتهما معا طلقت ثلاثا ؛ لوجود الشرطين ، وإن سبق أحدهما بدون ستة أشهر وقع ما علق به ، وانقضت العدة بالثاني ، وإن كان بستة أشهر ، فالثاني من حمل مستأنف بلا خلاف ، فلا يمكن ادعاء أن تحبل بولد بعد ولد ، وفي الطلاق به وجهان ، إلا أن يقول : لا تنقضي به عدة ، فيقع الثلاث ، وكذا في الأصح إن ألحقنا به ؛ لثبوت وطئه به ، فتثبت الرجعة على الأصح فيها ، واختار في " الترغيب " أن الحمل لا يدل على الوطء المحصل للرجعة .

                                                                                                                          ( وإن أشكل كيفية وضعهما ، وقعت واحدة بيقين ) جزم به في " الوجيز " ، وقدمه في " المحرر " ، و " الفروع " ؛ لأن من وقع بها طلقتان ، فيقع بها واحدة [ ص: 343 ] ( ولغا ما زاد ) على المذهب ؛ لأنه مشكوك فيه ، والأصل بقاء النكاح ، ولا يزول عنه بالشك ، لكن الورع أن يلتزمها - ذكره في " الشرح " ( وقال القاضي : قياس المذهب أن يقرع بينهما ) وأومأ إليه ، قال في " الفروع " : وهو أظهر ؛ لأنه يحتمل كل واحد منهما احتمالا مساويا للآخر ، فيقرع بينهما ، كما لو أعتق أحد عبديه معينا ، ثم أنسيه ( ولا فرق بين أن تلده حيا أو ميتا ) ؛ لأن الشرط ولادة ذكر وأنثى ، وقد وجد ؛ ولأن العدة تنقضي به وتصير الجارية أم ولد ، فكذا هنا ، فلو قال : كلما ولدت ولدا فأنت طالق ، فولدت ثلاثة معا - فثلاث ، وكذا إن لم يقل ولدا ، واختار المجد واحدة ، فإن قال : أول ولد تلدينه ذكرا فأنت طالق واحدة ، وإن كانت أنثى فاثنتين ، فولدتهما معا - لم تطلق ؛ لأنه لا أول فيهما ، فإن ولدتهما دفعتين ، طلقت بالأول ، وبانت بالثاني ، ولم تطلق إلا على قول ابن حامد .

                                                                                                                          تنبيه : إذا قال لأربع نسوة : كلما ولدت إحداكن فضرائرها طوالق ، فولدن دفعة واحدة - طلقن ثلاثا ثلاثا ، وإن ولدن متعاقبات طلقت الأولى والرابعة ثلاثا ثلاثا ، والثانية طلقة ، والثالثة طلقتين ، فلو قال : إن ولدت ولدا فأنت طالق ، فولدت ولدين على التعاقب - طلقت بالأول ، وفرغت عدتها من الثاني ، ولم تطلق به في الأصح ، فإن كان بينهما نصف سنة فأكثر ودون أكثر مدة الحمل - فهل يلحقه الثاني وتنقضي به العدة ؛ فيه وجهان .




                                                                                                                          الخدمات العلمية