الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 318 ] وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد العزيز بن علي بن عبد الجبار المغربي أبوه

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد ببغداد وسمع بها الحديث ، وعني بطلب العلم ، وصنف كتابا في مجلدات على حروف المعجم في الحديث ، وحرر فيه حكاية مذهب الإمام مالك ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ أبو عبد الله محمد بن غانم بن كريم الأصبهاني

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قدم بغداد وكان شابا فاضلا ، فتتلمذ للشيخ شهاب الدين السهروردي ، فانتفع به ، وتكلم بعده على الناس في التصوف ، وفيه لطافة ومن كلامه في الوعظ : العالم كالذرة في فضاء عظمته ، والذرة كالعالم في كتاب حكمته ، الأصول فروع إذا تجلى جمال أوليته ، والفروع أصول إذا طلعت من مغرب نفي الوسائط شمس آخريته ، أستار الليل مسدولة ، وشموع الكواكب مشعولة ، وأعين الرقباء عن المشتاقين مشغولة ، وحجاب الحجب عن أبواب الوصل معزولة ، ما هذه الوقفة والحبيب قد فتح الباب؟! ما هذه الفترة والمولى قد صرف حاجب الحجاب؟!


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقوفي بأكناف العقيق عقوق إذا لم أرد والدمع فيه عقيق     وإذا لم أمت شوقا إلى ساكن الحمى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فما أنا فيما أدعيه صدوق     أيا ربع ليلى ما المحبون في الهوى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سواء ولا كل الشراب رحيق      [ ص: 319 ] ولا كل من يلقاك يلقاك قلبه
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولا كل من يحنو إليك مشوق     تكاثرت الدعوى على الحب فاستوى
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أسير صبابات الهوى وطليق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أيها الآمنون ، هل فيكم من يصعد إلى السماء؟ أيها المحبوسون في مطامير مسمياتهم ، هل فيكم سليمان الفهم لفهم رموز الوحوش والأطيار؟ هل فيكم موسوي الشوق يقول بلسان شوقه : أرني أنظر إليك فقد طال الانتظار؟! .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعد الاستسقاء : لما صعدت إلى الله عز وجل نفس المشتاق ، بكت آماق الآفاق ، وجادت بالدر مرضعة السحاب ، فامتص لبن الرحمة رضيع التراب ، وخرج من أخلاف الغمام نطاف الماء النمير ، فاهتزت به الهامدة وقرت عيون الغدير ، وتزينت الرياض بالسندس الأخضر ، فحبر الصبغ حبرها أحسن تحبير ، وانفلق بأنملة الصبا أكمام الأنوار ، وانشقت بنفحات أنفاسه جيوب الأزهار ، ونطقت أجزاء الكائنات بلغات صفاتها ، وعادات عبرها : أيها النائمون تيقظوا ، أيها المستعدون تعرضوا : فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير [ الروم : 50 ] .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الفتح نصر الله بن هبة الله بن عبد الباقي بن هبة الله بن الحسين بن يحيى بن بصاقة الغفاري الكناني المصري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم الدمشقي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان من أخصاء [ ص: 320 ] الملك المعظم وولده الناصر داود ، وقد سافر معه إلى بغداد في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، وكان أديبا مليح المحاضرة ، ومن شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما أبيتم سادتي عن زيارتي     وعوضتموني بالبعاد عن القرب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولم تسمحوا بالوصل في حال يقظتي     ولم يصطبر عنكم لرقته قلبي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نصبت لصيد الطيف جفني حبالة     فأدركت خفض العيش بالنوم والنصب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية