الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : أذلك خير نزلا الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما [ ص: 416 ] ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة، فقال أبو جهل : زعم صاحبكم هذا أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر، وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد، فتزقموا، فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجرة : إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم أي : غذيت بالنار ومنها خلقت، طلعها كأنه رءوس الشياطين قال : يشبهها بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : إنا جعلناها فتنة للظالمين قال : قول أبي جهل : إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه في قوله : طلعها كأنه رءوس الشياطين

                                                                                                                                                                                                                                      قال : شعور الشياطين قائمة إلى السماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد "الزهد"، وابن المنذر ، عن أبي عمران الجوني قال : بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشة إلا نهشت منه مثلها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : مر أبو جهل برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس، فلما بعد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى فسمع أبو جهل فقال : من توعد يا محمد؟ قال : إياك . فقال : بم توعدني؟ فقال : أوعدك بالعزيز الكريم . فقال أبو جهل : أليس أنا العزيز [ ص: 417 ] الكريم؟ فأنزل الله : إن شجرت الزقوم طعام الأثيم إلى قوله : ذق إنك أنت العزيز الكريم [الدخان : 43-49 ] فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه، فأخرج إليهم زبدا وتمرا فقال : تزقموا من هذا، فوالله ما يتوعدكم محمد إلا بهذا . فأنزل الله : إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم إلى قوله : ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم فقال في الشوب : إنها تختلط باللبن، فتشوبه به، فإن لهم على ما يأكلون لشوبا من حميم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم قال : لمزجا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : لشوبا من حميم قال : يختلط الحميم والغساق . قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم، أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : [ ص: 418 ]

                                                                                                                                                                                                                                      تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا



                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لشوبا من حميم . قال : يخلط طعامهم ويشاب بالحميم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء، ويقيل هؤلاء؛ أهل الجنة وأهل النار وقرأ : (ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد، وابن المنذر عن ابن جريج قال : في قراءة ابن مسعود : (ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم) .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم قال : مزاجا، ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم قال : فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم، وتلا هذه [ ص: 419 ] الآية : يطوفون بينها وبين حميم آن [الرحمن : 44 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية