الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ( 64 ) )

قال أبو جعفر : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها النبي حسبك الله ) ، وحسب من اتبعك من المؤمنين الله . يقول لهم جل ثناؤه : ناهضوا [ ص: 49 ] عدوكم؛ فإن الله كافيكم أمرهم ، ولا يهولنكم كثرة عددهم وقلة عددكم ، فإن الله مؤيدكم بنصره .

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

16265 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال : حدثنا سفيان ، عن شوذب أبي معاذ ، عن الشعبي في قوله : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) ، قال : حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين ، الله .

16266 - حدثني أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : أخبرنا سفيان ، عن شوذب ، عن الشعبي في قوله : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) ، قال : حسبك الله ، وحسب من معك .

16267 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبيد الله ، عن سفيان ، عن شوذب ، عن عامر ، بنحوه إلا أنه قال : حسبك الله ، وحسب من شهد معك .

16268 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، عن ابن زيد في قوله : ( يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ) ، قال : يا أيها النبي حسبك الله ، وحسب من اتبعك من المؤمنين ، إن حسبك أنت وهم ، الله .

ف"من" من قوله : ( ومن اتبعك من المؤمنين ) ، على هذا التأويل الذي [ ص: 50 ] ذكرناه عن الشعبي ، نصب عطفا على معنى "الكاف" في قوله : ( حسبك الله ) لا على لفظه ، لأنها في محل خفض في الظاهر ، وفي محل نصب في المعنى ، لأن معنى الكلام : يكفيك الله ، ويكفي من اتبعك من المؤمنين .

وقد قال بعض أهل العربية في "من" ، أنها في موضع رفع على العطف على اسم "الله" ، كأنه قال : حسبك الله ومتبعوك إلى جهاد العدو من المؤمنين ، دون القاعدين عنك منهم . واستشهد على صحة قوله ذلك بقوله : ( حرض المؤمنين على القتال ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية