الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : فلما بلغ معه السعي الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : فلما بلغ معه السعي قال : العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : فلما بلغ معه السعي قال : أدرك معه العمل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلما بلغ معه السعي قال : لما مشى مع أبيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن المنذر عن الضحاك : فلما بلغ معه السعي قال : العمل (فأسر في نفسه حزنا) في قراءة عبد الله قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد : فلما بلغ معه السعي قال : لما شب حتى أدرك سعيه سعي إبراهيم في العمل، فلما أسلما قال : سلما ما أمرا به، وتله للجبين قال : وضع وجهه للأرض، قال : لا تذبحني وأنت تنظر إلى وجهي، عسى أن ترحمني فلا تجهز علي اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي للأرض، ففعل، فلما أدخل يده ليذبحه، نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا [ ص: 430 ] فأمسك يده ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي . فشده، فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه، نودي من خلفه : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى به الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان، فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، فلما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه : يا أبت أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي إذا ذبحتني، فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه، نودي من خلفه : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس : [ ص: 431 ] وإن من شيعته لإبراهيم قال : من شيعة نوح على منهاجه وسنته، بلغ معه السعي شب حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم في العمل، فلما أسلما : سلما ما أمرا به وتله وضع وجهه إلى الأرض، فقال : لا تذبحني وأنت تنظر؛ عسى أن ترحمني فلا تجهز علي، وأن أجزع فأنكص فأمتنع منك ولكن اربط يدي إلى رقبتي، ثم ضع وجهي إلى الأرض . فلما أدخل يده ليذبحه فلم تحك المدية حتى نودي : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده ورفع، قوله : وفديناه بذبح عظيم بكبش عظيم متقبل، وزعم ابن عباس أن الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رؤيا الأنبياء وحي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني والبيهقي في "الأسماء والصفات" عن عبيد بن عمير قال : رؤيا الأنبياء وحي، ثم تلا هذه الآية : إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 432 ] وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : رؤيا الأنبياء حق، إذا رأوا شيئا فعلوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والطبراني ، وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن ابن عباس قال : لما أمر إبراهيم بالمناسك عرض له الشيطان عند المسعى، فسابقه فسبقه إبراهيم ثم ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة، فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات وثم تله للجبين وعلى إسماعيل قميص أبيض، فقال له : يا أبت ليس لي ثوب تكفنني فيه غيره، فاخلعه حتى تكفنني فيه . فعالجه ليخلعه فنودي من خلفه : أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فالتفت، فإذا كبش أبيض أعين أقرن فذبحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : المفدي إسماعيل وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، والحاكم [ ص: 433 ] وصححه من طريق الشعبي عن ابن عباس قال : الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال : الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس قال : الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا : الذي أراد إبراهيم ذبحه إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر والحاكم وصححه، عن ابن عمر في قوله : وفديناه بذبح عظيم قال : إسماعيل، ذبح عنه إبراهيم الكبش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير والأموي في "مغازيه" والخلعي في "فوائده" والحاكم ، وابن مردويه بسند ضعيف، عن عبد الله بن سعد [ ص: 434 ] عن الصنابحي قال : حضرنا مجلس معاوية بن أبي سفيان، فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق؛ أيهما الذبيح؟ فقال معاوية : سقطتم على الخبير، كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه أعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ يابسا، والماء عابسا، هلك العيال وضاع المال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه . فقال القوم : من الذبيحان يا أمير المؤمنين؟ قال : إن عبد المطلب لما حفر زمزم نذر لله إن سهل له أمرها أن ينحر بعض ولده، فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة، فخرج السهم على عبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرض ربك وافد ابنك، ففداه بمائة ناقة، فهو الذبيح وإسماعيل الثاني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي قال : إن الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله، وذلك أن الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح : وبشرناه بإسحاق . وقال فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب [هود : 71 ] بابن، وابن ابن، فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه من الله موعود بما [ ص: 435 ] وعده، وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن عطاء بن يسار قال : سألت خوات بن جبير عن ذبيح الله قال : إسماعيل؛ لما بلغ سبع سنين رأى إبراهيم في النوم في منزله بالشام أن يذبحه، فركب إليه على البراق حتى جاءه فوجده عند أمه، فأخذ بيده ومضى به لما أمر به، وجاءه الشيطان في صورة رجل يعرفه . وذكر القصة إلى أن قال : فذهب يحز في حلقه، فإذا هو يحز في نحاس، فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر، ولا تحز، قال إبراهيم : إن هذا الأمر من الله فرفع رأسه، فإذا هو بوعل واقف بين يديه، فقال إبراهيم : قم يا بني قد نزل فداؤك، فذبحه هناك بمنى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي من طريق عطاء بن يسار عن عبد الله بن سلام قال : الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد ، والحسن قالا : الذبيح إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 436 ] وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : إن الذي أمر بذبحه إسماعيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير عن محمد بن كعب، أن عمر بن عبد العزيز أرسل إلى رجل كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه، وكان من علمائهم، فسأله : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه؟ فقال : إسماعيل والله يا أمير المؤمنين، وإن اليهود لتعلم بذلك، ولكنهم يحسدونكم معشر العرب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم والحاكم ، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال نبي الله داود : يا رب أسمع الناس يقولون : رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب . فاجعلني رابعا . قال : إن إبراهيم ألقي في النار فصبر من أجلي، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب غاب عنه يوسف، وتلك بلية لم تنلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان" عن عبيد بن عمير قال : قال موسى : يا رب يقولون : يا رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب . لأي شيء يقولون ذلك؟ قال : لأن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، فهو على ما سواه أجود، وأما [ ص: 437 ] يعقوب فما ابتليته ببلاء إلا ازداد بي حسن الظن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن داود سأل ربه مسألة فقال : اجعلني مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب . فأوحى الله إليه : إني ابتليت إبراهيم بالنار فصبر وابتليت إسحاق بالذبح فصبر وابتليت يعقوب فصبر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الدارقطني في "الأفراد" والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن نهار، وكانت له صحبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إسحاق ذبيح الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 438 ] وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والطبراني عن أبي الأحوص قال : فاخر أسماء بن خارجة رجلا عند ابن مسعود فقال : أنا ابن الأشياخ الكرام . فقال ابن مسعود : ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن مسعود قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم : من أكرم الناس؟ قال : يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني في "الأوسط" بسند ضعيف، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف أمتي أو شفاعتي، فاخترت شفاعتي، ورجوت أن تكون أعم لأمتي، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لعجلت دعوتي إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا إسحاق سل تعطه . قال : أما والله لأتعجلنها قبل نزغات الشيطان، اللهم من مات لا يشرك بك شيئا قد أحسن فاغفر له .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والحاكم وصححه والبيهقي في "شعب الإيمان" عن كعب، أنه قال [ ص: 439 ] لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق؟ قال : بلى، قال : أري إبراهيم أن يذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذه آل إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا . فتمثل الشيطان لهم رجلا يعرفونه فأقبل حتى إذا خرج إبراهيم بإسحاق ليذبحه دخل على سارة، فقال : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق؟ قالت : لبعض حاجته . قال : لا والله قالت : فلم غدا؟ قال : ليذبحه . قالت : لم يكن ليذبح ابنه . قال : بلى والله . قالت سارة : فلم يذبحه؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك . قالت : قد أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك، فخرج الشيطان فأدرك إسحاق وهو يمشي على إثر أبيه، قال : أين أصبح أبوك غاديا؟ قال : لبعض حاجته . قال : لا والله، بل غدا بك ليذبحك . قال : ما كان أبي ليذبحني . قال : بلى . قال : لم؟ قال : زعم أن الله أمره بذلك . قال إسحاق : فوالله لئن أمره ليطيعنه، فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال : أين أصبحت غاديا بابنك؟ قال : لبعض حاجتي . قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه، قال : ولم أذبحه؟ قال : زعمت أن الله أمرك بذلك . فقال : فوالله لئن كان الله أمرني لأفعلن، قال : فتركه ويئس أن يطاع، فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق، أعفاه الله وفداه بذبح عظيم، قال : قم أي بني؛ فإن الله قد أعفاك فأوحى الله إلى إسحاق : إني قد أعطيتك دعوة أستجيب لك فيها . قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي، أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 440 ] وأخرج ابن جرير عن ابن أبي الهذيل وأبي ميسرة، وابن سابط، قالوا : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر عن علي قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد والبخاري في "تاريخه"، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 441 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" عن سعيد بن جبير قال : لما رأى إبراهيم في المنام ذبح إسحاق، سار به من منزله إلى المنحر بمنى مسيرة شهر في غداة واحدة، فلما صرف عنه الذبح وأمر بذبح الكبش، ذبحه ثم راح به رواحا إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر؛ طويت له الأودية والجبال .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي، عن جابر بن عبد الله قال : أري إبراهيم في المنام، أن يذبح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مسروق قال : الذبيح إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاما ما سمعت قط أحسن منه؛ سمعته يقول : قال إبراهيم خليل الله لولده، في وقت ما قص عليه ما رأى : ماذا ترى أي : ماذا تشير به؟ ليستخرج [ ص: 442 ] منه بهذه اللفظة ذكر التفويض والصبر والتسليم والانقياد لأمر الله، لا لمؤامرته لدفع أمر الله تعالى فقال : يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين قال الشافعي : والتفويض هو الصبر، والتسليم هو الصبر، والانقياد هو ملاك الصبر، فجمع له الذبيح جميع ما ابتغاه في هذه اللفظة اليسيرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الخطيب في "تالي التلخيص" عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع الشفرة فأقلب جبريل الشفرة، فقال : يا أبت شدني؛ فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي . ثم قال : يا أبت حلني؛ فإني أخاف أن تشهد علي الملائكة أني جزعت من أمر الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي قال : أتي إبراهيم في النوم فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت، إن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه، فقال : يا إسحاق انطلق نقرب قربانا إلى الله، فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق معه حتى إذا ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت، أين قربانك؟ قال : يا بني إني رأيت في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى؟ قال : يا أبت، افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين . فقال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي [ ص: 443 ] حتى لا أضطرب، واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليها من دمي شيء فتراه سارة فتحزن، وأسرع مر السكين على حلقي؛ ليكون أهون للموت علي، فإذا أتيت سارة، فاقرأ عليها السلام مني، فأقبل عليه إبراهيم يقلبه وقد ربطه وهو يبكي، وإسحاق يبكي، ثم إنه جر السكين على حلقه فلم تنحر، وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس، فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه وحز من قفاه، وذلك قول الله : فلما أسلما يقول : سلما لله الأمر، وتله للجبين فنودي : يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا بالحق . فالتفت فإذا هو بكبش، فأخذه وحل عن ابنه، وأكب عليه يقبله، وجعل يقول : اليوم يا بني وهبت لي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا بني خذ الشفرة . فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم . فلقي إبراهيم متشبها بصديق له، فقال له : يا إبراهيم، أين تعمد؟ قال : لحاجة . قال : والله ما تذهب إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها، والرؤيا تخطئ وتصيب، وليس في رؤيا رأيتها ما تذبح إسحاق . فلما رأى أنه [ ص: 444 ] لم يستقبل من إبراهيم شيئا، لقي إسحاق فقال : أين تعمد يا إسحاق؟ قال : لحاجة إبراهيم . قال : إن إبراهيم إنما يذهب بك ليذبحك! فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني؟ وهل رأيت أحدا يذبح ابنه؟ قال : يذبحك لله . قال : فإن يذبحني لله أصبر، والله لذلك أهل، فلما رأى أنه لم يستقبل من إسحاق شيئا جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق؟ قالت : ذهب مع إبراهيم لحاجته فقال : إنما ذهب به ليذبحه . فقالت : وهل رأيت أحدا يذبح ابنه؟ قال : يذبحه لله . قالت : فإن ذبحه لله، فإن إبراهيم وإسحاق لله، والله لذلك أهل، فلما رأى أنه لم يستقبل منها شيئا أتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي، ومع إبراهيم الملك، فقال الملك : ارم يا إبراهيم . فرمى بسبع حصيات، يكبر في إثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق، ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثانية فانتفخ حتى سد الوادي، فقال له الملك : ارم يا إبراهيم . فرمى بسبع حصيات، يكبر في إثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق، ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة، فانتفخ حتى سد الوادي عليه، فقال له الملك : ارم يا إبراهيم . فرمى بسبع حصيات، يكبر في إثر كل حصاة، فأفرج له عن الطريق، فأفضى إلى المنحر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" من طريق الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس قال : إنما سميت تروية، وعرفة؛ لأن إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي في منامه أن يذبح ابنه، فرأى في نفسه؛ أمن الله هذا أم من الشيطان؟ فأصبح صائما، فلما كان ليلة عرفة أتاه الوحي، فعرف أنه الحق من ربه فسميت عرفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلما أسلما قال : أسلم هذا نفسه لله وأسلم هذا ابنه لله، وتله أي : كبه لفيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي صالح في قوله : فلما أسلما قال : اتفقا على أمر واحد، وتله للجبين قال : أكبه للجبين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وتله للجبين قال : أكبه على جبهته .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 446 ] وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وتله للجبين قال : صرعه للذبح .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر عن مجاهد قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه قال : يا أبتاه خذ بناصيتي، واجلس بين كتفي حتى لا أؤذيك إذا مسني حز السكين . ففعل فانقلبت السكين فقال : ما لك يا أبتاه؟ قال : انقلبت السكين قال : فاطعن بها طعنا . قال : فتثنت، فقال : ما لك يا أبتاه؟ قال : تثنت، قال : فعرف الصدق، ففداه الله بذبح عظيم، وهو إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وتله للجبين قال : ساجدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : لما أن وضع السكين على حلقه انقلبت فصارت نحاسا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق ترك أمه سارة في مسجد الخيف، وذهب بإسحاق معه فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني، وأخذ بيد ابنه إسحاق فعزله فقال له : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا [ ص: 447 ] ترى؟ قال له إسحاق : يا أبت ربي أمرك؟ قال إبراهيم : نعم يا إسحاق . قال إسحاق : افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين، فلما أسلما لأمر الله وتله، قال إسحاق لأبيه : يا أبت أوثقني، لا أبطش بك . نودي : يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا . وهبط عليه الكبش من ثبير، وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة أربعين سنة . فلما كشف عن إسحاق دعا ربه ورغب إليه، وحمده وأوحي إليه : أن ادع فإن دعاءك مستجاب . فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة، قال ابن حاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب، أي ولد أذبح؟ فأوحى الرب إليه : أحبهما إليك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون : رب إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فاجعلني لهم رابعا، فأوحى الله إليه : إن تلك بلية لم تصل إليك بعد، إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني، ووفى بجميع ما أمرته به، وإن إسحاق جاد لي بنفسه، وإن يعقوب أخذت حامته غيبته عنه طول الدهر، فلم ييأس من روحي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن المنذر عن عطاء بن يسار قال : خرج [ ص: 448 ] إبراهيم بابنه إسماعيل وإسحاق فتمثل له الشيطان في صورة رجل، فقال له : أين تذهب؟ فقال إبراهيم : ما لك ولذلك؟ أذهب في حاجتي . قال : فإنك تزعم أن الله أمرك أن تذهب بابنك فتذبحه . قال : والله إن كان الله أمرني بذلك إني لحقيق أن أطيع ربي . ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي، فقال له : أين تذهب؟ قال : أذهب مع أبي، فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره أن يذبحك . فقال له مثل ما قال إبراهيم، ثم أتى أمه فقال : أين ذهب ابنك؟ قالت : ذهب مع أبيه . قال : إنه يزعم أن الله أمره أن يذبحه . فقالت له مثل ما قال إبراهيم، ثم انطلق إبراهيم حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه : يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك، فانظر ماذا ترى؟ قال : يا أبت، افعل ما تؤمر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين، ويا أبت أوثقني رباطا؛ لا ينتضح عليك من دمي . فقام إليه إبراهيم بالشفرة، فبرك عليه فجعل ما بين لبته إلى منحره نحاسا لا تحيك فيه الشفرة، ثم إن إبراهيم التفت وراءه فإذا هو بالكبش، فقال له : أي بني، قم فإن الله قد فداك . فذبح إبراهيم الكبش وترك ابنه ثم إن إبراهيم قال : يا بني إن الله قد أعطاك بصبرك اليوم، فسل ما شئت تعطه . قال : فإني أسأل الله ألا يلقاه عبد له مؤمن به، يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا [ ص: 449 ] شريك له، إلا غفر له وأدخله الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن علي في قوله : وفديناه بذبح عظيم قال : كبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : وفديناه بذبح عظيم . قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري في "تاريخه" عن علي بن أبي طالب قال : هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم من هذه الجنبة على يسار الجمرة الوسطى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي التي ذبح عليها إبراهيم فداء ابنه إسحاق، هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل منه، وكان مخزونا في الجنة حتى فدي به إسحاق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وأحمد ، والبيهقي في "سننه" عن امرأة من بني سليم قالت : أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة، فسألت عثمان : لما [ ص: 450 ] دعاك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال : قال إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرهما، فخمرهما؛ فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : فدى الله إسماعيل بكبشين أملحين أقرنين أعينين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير عن مجاهد : وفديناه بذبح عظيم قال : بكبش متقبل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البغوي عن عطاء بن السائب قال : كنت قاعدا بالمنحر مع رجل من قريش، فحدثني القرشي فقال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : إن الكبش الذي نزل على إبراهيم في هذا المكان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وفديناه بذبح عظيم قال : خرج عليه كبش من الجنة، وقد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا، فأرسل إبراهيم ابنه واتبع الكبش، فأخرجه إلى الجمرة الأولى، فرماه بسبع حصيات، فأفلته عنده، فجاء الجمرة الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع [ ص: 451 ] حصيات ثم أفلته فأدركه عند الجمرة الكبرى، فرماه بسبع حصيات، فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان اسم كبش إبراهيم جرير .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، وابن المنذر والطبراني ، وابن مردويه عن ابن عباس أن رجلا قال له : نذرت لأنحرن نفسي . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [الأحزاب : 21 ] ثم تلا : وفديناه بذبح عظيم فأمره بكبش فذبحه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : من نذر أن ينحر نفسه أو ولده فليذبح كبشا . ثم تلا : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة [الأحزاب : 21 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الديلمي عن ابن عباس رفعه : لما فدى الله إسحاق من الذبح أتاه [ ص: 452 ] جبريل فقال له : يا إسحاق، إنه لم يصبر أحد من الأولين والآخرين مثل ما صبرت، وإن لك عند الله دعوة مستجابة ادع بها . فقال : اللهم أيما عبد لك من الأولين والآخرين يشهد أن لا إله إلا الله فاغفر له، سبقني أخي إسحاق إلى الدعوة .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية