الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له [ ص: 281 ] ساجدين فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس استكبر وكان من الكافرين

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف صح أن يقول لهم: إني خالق بشرا وما عرفوا ما البشر ولا عهدوا به قبل؟ قلت: وجهه أن يكون قد قال لهم: إني خالق خلقا من صفته كيت وكيت، ولكنه حين حكاه اقتصر على الاسم، فإذا سويته فإذا أتممت خلقه وعدلته. ونفخت فيه من روحي وأحييته وجعلته حساسا متنفسا "فقعوا" فخروا، كل: للإحاطة. وأجمعون: للاجتماع، فأفادا معا أنهم سجدوا عن آخرهم ما بقي منهم ملك إلا سجدوا، وأنهم سجدوا جميعا في وقت واحد غير متفرقين في أوقات. فإن قلت: كيف ساغ السجود لغير الله؟ قلت: الذي لا يسوغ هو السجود لغير الله على وجه العبادة، فأما على وجه التكرمة والتبجيل فلا يأباه العقل، إلا أن يعلم الله فيه مفسدة فينهى عنه، فإن قلت: كيف استثنى إبليس من الملائكة وهو من الجن؟ قلت: قد أمر بالسجود معهم فغلبوا عليه في قوله: فسجد الملائكة ثم استثنى كما يستثنى الواحد منهم استثناء متصلا، وكان من الكافرين أريد: وجود كفره ذلك الوقت وإن لم يكن قبله كافرا; لأن "كان" مطلق في جنس الأوقات الماضية، فهو صالح لأيها شئت، ويجوز أن يراد: وكان من الكافرين في الأزمنة الماضية في علم الله.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية