الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      واقف الصدرية الرئيس صدر الدين أسعد بن عثمان بن أسعد بن المنجا بن بركات بن مؤمل التنوخي المعري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم الدمشقي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحنبلي ، أحد المعدلين ذوي الأموال والمروءات والصدقات الدارة البارة ، وقف مدرسة للحنابلة ، وقبره بها إلى جانب تربة القاضي المصري في رأس درب الريحان من ناحية الجامع الأموي ، وقد ولي نظر الجامع مدة ، وقد استجد أشياء كثيرة ، منها سوق النحاسين قبلي الجامع ، ونقل الصاغة إلى مكانها الآن ، وقد كانت قبل ذلك حيث يقال لها : الصاغة العتيقة . وجدد الدكاكين التي بين أعمدة الزيادة ، وثمر للجامع أموالا جزيلة ، وكانت له صدقات كثيرة ، وذكر عنه أنه [ ص: 390 ] يعمل صنعة الكيميا ، وأنه صح معه عمل الفضة ، وعندي أن هذا لا يصح عنه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ يوسف القميني كان يعرف بالأقميني; لأنه كان يسكن قمين حمام نور الدين الشهيد وكان يلبس ثيابا طوالا تحف على الأرض ، ويبول في ثيابه ، ورأسه مكشوف ، وله أحوال وكشوف كثيرة ، وكان كثير من العوام وغيرهم يعتقدون صلاحه وولايته ، وذلك لأنهم لا يعلمون أن الكشوف قد تصدر من المؤمن والكافر كما كان ابن صياد ، ومن البر والفاجر ، فلا بد من اختبار صاحب الحال بالكتاب والسنة ، فمن وافق حاله الكتاب والسنة ، فهو رجل صالح سواء كاشف أم لا ، ومن لم يوافق فليس برجل صالح سواء كاشف أم لا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الشافعي : رحمه الله تعالى : إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء ، ويطير في الهواء ، فلا تغتروا به حتى تعرضوا أمره على الكتاب والسنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولما مات دفن بتربة بسفح قاسيون ، وهي مشهورة به شرقي تربة أبي عمر المقدسي [ ص: 391 ] الرواحية ، وهي مزخرفة ، قد اعتنى بها بعض من كان يعتقد فيه . وكانت وفاته في سادس شعبان من هذه السنة . وكان الشيخ إبراهيم الجيعانة لا يتجاسر ، أن يدخل البلد والقميني حي ، فيوم مات الأقميني دخلها وكان بالشاغور ، ودخل العوام معه يصيحون ويصرخون . وهم أتباع كل ناعق .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشمس علي بن النشبي المحدث

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ناب في الحسبة عن الصدر البكري في أيامه ، وقرأ الكثير بنفسه ، وسمع وأسمع ، وكتب بخطه كثيرا ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبد الله الفاسي شارح الشاطبية

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      اشتهر بالكنية ، وقيل : إن اسمه القاسم ، وكانت وفاته بحلب ، وكان عالما فاضلا في العربية والقراءات وغير ذلك ، وقد أجاد في شرحه للشاطبية وأفاد ، واستحسنه الشيخ شهاب الدين [ ص: 392 ] أبو شامة شارحها أيضا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      النجم أخو البدر مفضل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان شيخ الفاضلية بالكلاسة ، وكان له إجازة من السلفي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خطيب العقيبة بدر الدين يحيى بن الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، ودفن بباب الصغير على جده ، وكانت جنازته حافلة ، رحمه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سعد الدين محمد بن الشيخ محيي الدين بن عربي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ذكره أبو شامة ، وأثنى عليه في فضيلته وأدبه وشعره ، وذكر ما يدل على فضيلته وأدب وشعر فيه قوة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقد ذكر أبو شامة وفاة الناصر داود في هذه السنة ، وقد قدمنا ترجمته في التي قبل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سيف الدين بن صبرة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      متولي شرطة دمشق ، ذكر أبو شامة أنه حين مات جاءت حية فنهشت أفخاذه ، وقيل : إنها التفت في أكفانه ، وأعيى الناس دفعها . قال : وقيل : إنه كان نصيريا رافضيا خبيثا مدمن خمر ، نسأل الله العافية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      النجيب بن شقيشقة الدمشقي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد الشهود بها ، له سماع حديث ، [ ص: 393 ] ووقف داره بدرب البانياسي دار حديث ، وهي التي كان يسكنها شيخنا الحافظ المزي قبل انتقاله إلى دار الحديث الأشرفية . قال أبو شامة : وكان ابن شقيشقة ، وهو النجيب أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني ، مشهورا بالكذب ورقة الدين وغير ذلك ، وهو أحد الشهود المقدوح فيهم ولم يكن بحال أن يؤخذ عنه . قال : وقد أجلسه أحمد بن يحيى بن هبة الله الملقب بالصدر بن سني الدولة في حال ولايته القضاء بدمشق ، فأنشد فيه بعض الشعراء :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جلس الشقيشقة الشقي ليشهدا بأبيكما ماذا عدا فيما بدا     هل زلزل الزلزال أم قد أخرج الد
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      جال أم عدم الرجال ذوو الهدى     عجبا لمحلول العقيدة جاهل
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بالشرع قد أذنوا له أن يقعدا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال أبو شامة : في سنة سبع وخمسين وستمائة مات شخص زنديق يتعاطى الفلسفة والنظر في علم الأوائل ، وكان يسكن مدارس فقهاء المسلمين ، وقد أفسد عقائد جماعة من الشباب المشتغلين فيما بلغني ، وكان [ ص: 394 ] أبوه يتجاهر باستنقاص الأنبياء عليهم السلام ، وهو يعرف بابن الفخر بن البديع البندهي ، كان أبوه يزعم أنه من جملة تلامذة الفخر الرازي ابن خطيب الري صاحب المصنفات .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية