الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قال : من بشرتني بقدوم أخي ، فهي طالق ، فأخبره به امرأتاه - طلقت الأولى منهما ، إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها ، فتطلق وحدها .

                                                                                                                          وإن قال : من أخبرتني بقدومه فهي طالق ، فكذلك عند القاضي ، وعند أبي الخطاب : تطلقان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قال : من بشرتني بقدوم أخي ، فهي طالق ، فأخبره به امرأتاه - طلقت الأولى منهما ) إذا كانت صادقة ؛ لأن البشارة خبر تتغير به بشرة الوجه من سرور أو غم ، وإنما يحصل بالأول ؛ لأنها عند الإطلاق للخير ، كقوله تعالى فبشر عبادي الزمر 17 فإن أريد الشر قيدت قال تعالى : فبشر عبادي [ الزمر : 17 ] فإن أريد الشر ، قيدت ، قال تعالى : فبشرهم بعذاب أليم [ التوبة : 34 ] ( إلا أن تكون الثانية هي الصادقة وحدها ، فتطلق وحدها ) ؛ لحصول الغرض ببشارتها ، وإن كانتا كاذبتين ، لم تطلق واحدة منهما ؛ لأنه لا سرور في الكذب ، وعلم منه أنه إذا بشره نساؤه معا طلقن ؛ لأن " من " تقع على الواحد فما زاد ؛ لقوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [ الزلزلة : 7 ] ويتوجه تحصل البشارة بالمكاتبة ، [ ص: 369 ] وإرسال رسول بها ( وإن قال : من أخبرتني بقدومه فهي طالق ، فكذلك عند القاضي ) وجزم به في " الوجيز " ؛ لأن المراد من الخبر الإعلام ، ولا يحصل إلا بالخبر الصادق ( وعند أبي الخطاب : تطلقان ) أي : تطلق الصادقة والكاذبة ؛ لأن الخبر يدخله الصدق والكذب . قال في " المحرر " : وعندي يطلقن مع الصدق ، ولا تطلق منهما كاذبة ، وفي " المستوعب " : حكى ابن أبي موسى فيمن قال لعبيده : أيكم جاءني بخبر كذا فهو حر ، فجاءه به اثنان أو أكثر ، فيه روايتان ، إحداهما : يعتق واحد منهم بالقرعة ، والثانية : يعتقون جميعا ، ولم يفرق بين الصدق والكذب ، ولا بين المتقدم والمتأخر .

                                                                                                                          تنبيه : إذا قال : أول من تقوم منكن فهي طالق ، فقام الكل دفعة واحدة - لم تطلق واحدة منهن ، وإن قامت واحدة ، ولم يقم أحد بعدها - فوجهان ، فإن قلنا : لا يقع ، لم يحكم بوقوع ذلك ولا انتفائه حتى ييأس من قيام واحدة منهن ، فتنحل يمينه ، وكذا العتق ، وإن قام اثنتان أو ثلاثة معا ، وقام بعدهن أخرى وقع بمن قام أولا ، والعتق كذلك ، وقال القاضي فيمن قال : أول من يدخل من عبيدي فهو حر ، فدخل اثنان دفعة واحدة ، ثم دخل آخر - لم يعتق واحد منهم ، وهو بعيد ، وإن قال : آخر من تدخل منكن الدار فهي طالق ، فدخل إحداهن ، لم يحكم بطلاق واحدة منهن حتى ييأس من دخول غيرها ، فيتبين وقوع الطلاق بآخرهن دخولا من حين دخولها .




                                                                                                                          الخدمات العلمية