الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  أسباب الحسد :

                                                                  للحسد المذموم مداخل كثيرة وأسباب عديدة :

                                                                  فمنها : العداوة والبغضاء ، وهذا أشد أسباب الحسد ، فإن من آذاه شخص بسبب من الأسباب وخالفه في غرض بوجه من الوجوه - أبغضه قلبه ، وغضب عليه ، ورسخ في نفسه الحقد ، والحقد يقتضي منه التشفي والانتقام ، فإن عجز المتنغص عن أن يتشفى بنفسه أحب أن يتشفى منه الزمان ، وربما يحيل ذلك على كرامة نفسه عند الله تعالى ، فمهما أصابت عدوه بلية فرح بها ، وظنها مكافأة له من جهة الله على بغضه ، وأنها لأجله ، ومهما أصابته نعمة ساءه ذلك ؛ لأنه ضد مراده ، وربما يخطر له أنه لا منزلة له عند الله ، حيث لم ينتقم له من عدوه الذي آذاه ، بل أنعم عليه . وبالجملة فالحسد يلزم البغض والعداوة ولا يفارقهما ، وإنما غاية التقي أن لا يبغي ، وأن يكره ذلك من نفسه .

                                                                  ومنها : التعزز ، وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره .

                                                                  ومنها : حب الرياسة وطلب الجاه ، بأن يكون منفردا عديم النظر ، غير مشارك في المنزلة ، يسوءه وجود مناظر له في المنزلة .

                                                                  ومنها : خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله ، بحيث يشق عليه أن يوصف عنده حسن حال عبد فيما أنعم عليه ، ويفرح بذكر فوات مقاصد أحد واضطراب أموره وتنغص عيشه ، فهو أبدا يحب الإدبار لغيره ، ويبخل بنعمة الله على عباده ، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه ! وهذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس ، ورذالة في الطبع ، ومعالجته شديدة ؛ لأنه خبث في الجبلة لا في عارض حتى يتصور زواله . وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جميعها في شخص واحد ، فيعظم فيه الحسد بذلك ، ويقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء والمجاملة ، بل ينهتك حجاب المجاملة ، وتظهر العداوة بالمكاشفة ، أعاذنا المولى من ذلك بلطفه وكرمه .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية