الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 213 ] باب العرايا

                                                                                                                                            أخبرنا المزني قال الشافعي : أخبرنا مالك ، عن داود بن الحصين ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرخص في بيع العرايا فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق الشك من داود . وقال ابن عمر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر إلا أنه أرخص في بيع العرايا ( قال المزني ) وروى الشافعي حديثا فيه . قلت لمحمود بن لبيد : أو قال محمود بن لبيد لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، إما زيد بن ثابت وإما غيره ما عراياكم هذه ؟ فقال فلان وفلانة وسمى رجالا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا ، يأكلونه مع الناس ، وعندهم فضول من قوتهم من التمر ، فرخص لهم أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم يأكلونها رطبا ( قال الشافعي ) وحديث سفيان يدل على مثل هذا ، أخبرنا ابن عيينة ، عن يحيى بن سعيد ، عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر إلا إنه أرخص في العرايا أن تباع بخرصها من التمر يأكلها أهلها رطبا ( قال المزني ) اختلف ما وصف الشافعي في العرايا وكرهت الإكثار فأصح ذلك عندي ما جاء فيه الخبر ، وما قال في كتاب " اختلاف الحديث " وفي الإملاء أن قوما شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا نقد عندهم ولهم تمر من فضل قوتهم فأرخص لهم فيها " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما العرايا فجمع عرية ، والعرية في اللغة ما انفرد بذاته ، وتميز عن غيره ، يقال : عري الرجل إذا تجرد عن ثيابه ، وسمي ساحل البحر بالعراء : لأنه قد خلي من النبات وتميز عن غيره من الأرض ، قال الله تعالى : فنبذناه بالعراء [ الصافات : 145 ] ، وقال الشاعر :


                                                                                                                                            فكان العرايا في النخل أن يفرد بعض محل الحائط

                                                                                                                                            عما سواه حتى يصير متميزا من الجملة ، والعرايا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية