الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 216 ] فصل : جواز العرايا مع اختلاف أنواع التمر

                                                                                                                                            فإذا ثبت أن بيع العرايا هو بيع الرطب على رءوس النخل بكيلها تمرا على وجه الأرض ، فلا فرق بين أن يتساويا في النوع كالتمر البرني بالرطب البرني ، أو يختلفا في النوع كالتمر البرني بالرطب المعقلي في جواز ذلك كله ، فأما بيع الرطب على رءوس النخل برطب في الأرض أو برطب على رءوس النخل فذهب الشافعي أنه لا يجوز بحال : لأن وجود الرطب مغني عن بيعه برطب على رءوس النخل . وقال أبو علي بن خيران : يجوز بيع الرطب على الأرض برطب على رءوس النخل : لأنه أدوم نفعا ، ويجوز بيع الرطب على رءوس النخل برطب على رءوس النخل سواء كان نوعا أو أنواعا .

                                                                                                                                            وقال أبو إسحق المروزي : لا يجوز بيع رطب على الأرض برطب على رءوس النخل ، فأما بيع الرطب على رءوس النخل برطب على رءوس النخل ، فإن كانا من نوع واحد كالمعقلي بالمعقلي لم يجز ، وإن كانا نوعين كالمعقلي بالإبراهيمي جاز .

                                                                                                                                            وقال أبو علي بن أبي هريرة : يجوز بيع الرطب على الأرض برطب على رءوس النخل : لأنه أدوم نفعا ، ويجوز بيع ما على الأرض من النخل بما على النخل إذا كانا من نوعين لاختلاف الشهوة .

                                                                                                                                            ولا يجوز إذا كانا من نوع واحد لفقد الغاية . وكل واحد من هذه المذاهب الثلاثة فاسد ، وما عليه جمهور أصحابنا بطلان ذلك كله أصح : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص في العرايا أن تباع بخرصها تمرا : ولأنه لما لم يجز بيع الرطب بالرطب على وجه الأرض مع قلة تفاضله وقرب تماثله ، فأولى أن لا يجوز على النخل : لأن عدم الحاجة إليه تمنع من جواز الغرر فيه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية