الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر وأبو نصر السجزي في "الإبانة" عن مجاهد في قوله : قل هو نبأ عظيم قال : القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر في كتاب "الصلاة"، وابن جرير عن قتادة : قل هو نبأ عظيم قال : إنكم تراجعون نبأ عظيما فاعقلوه عن الله، ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون قال : هم الملائكة، كانت خصومتهم في شأن آدم وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض [ ص: 617 ] خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء [البقرة : 30 ] إلى قوله : إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين [ص : 28، 29 ] ففي هذا اختصم الملأ الأعلى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ما كان لي من علم بالملإ الأعلى قال : الملائكة حين شووروا في خلق آدم فاختصموا فيه، قالوا : لا تجعل في الأرض خليفة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج محمد بن نصر في كتاب "الصلاة"، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ما كان لي من علم بالملإ الأعلى إذ يختصمون قال : الخصوم في شأن آدم : أتجعل فيها من يفسد فيها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تدرون فيم يختصم الملاء الأعلى؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : يختصمون في الكفارات الثلاث، إسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق وأحمد ، وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر في كتاب "الصلاة" عن ابن عباس قال : قال رسول الله [ ص: 618 ] صلى الله عليه وسلم : أتاني الليلة ربي في أحسن صورة أحسبه قال : في المنام فقال : يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي -أو قال : في نحري- فعلمت ما في السماوات وما في الأرض، ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملاء الأعلى؟ قلت : نعم، في الكفارات، والكفارات المكث في المساجد بعد الصلوات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه . وقل يا محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون، قال : والدرجات، إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم ، وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن [ ص: 619 ] صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سلم دعا بصوته فقال : على مصافكم كما أنتم، ثم انفتل إلينا، ثم قال : أما إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة، إني قمت الليلة فتوضأت وصليت ما قدر لي ونعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال : يا محمد . قلت لبيك ربي . قال : فيم يختصم الملاء الأعلى؟ قلت : لا أدري، -قالها ثلاثا- قال : فرأيته وضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته، فقال : يا محمد، قلت : لبيك رب . قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الدرجات والكفارات . فقال : ما الدرجات؟ فقلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، قال : صدقت، فما الكفارات؟ قلت : إسباغ الوضوء في المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة، ونقل الأقدام إلى الجماعات . قال : صدقت سل يا محمد، قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك وأنا غير [ ص: 620 ] مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، قال النبي صلى الله عليه وسلم : تعلموهن وادرسوهن فإنهن حق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في "السنة"، وابن مردويه ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله تجلى لي في أحسن صورة فسألني : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : يا رب، ما لي به علم، فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فما سألني عن شيء إلا علمته قلت : في الدرجات والكفارات؛ إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في "السنة"، وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأيت ربي في منامي في أحسن صورة فقال : يا محمد . فقلت لبيك ربي وسعديك ثلاث مرات، قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا، فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ففهمت الذي سألني عنه، فقلت : نعم يا رب، يختصمون في الدرجات، والكفارات، قلت : الدرجات : إسباغ الوضوء في السبرات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، والكفارات : إطعام الطعام، وإفشاء [ ص: 621 ] السلام والصلاة بالليل والناس نيام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في "السنة" والشيرازي في "الألقاب"، وابن مردويه عن أنس بن مالك قال : أصبحنا يوما فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرنا فقال : أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة، فوضع يده بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي فعلمني كل شيء، قال : يا محمد . قلت : لبيك رب وسعديك . قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : نعم يا رب؛ في الكفارات والدرجات . قال : فما الكفارات؟ قلت : إفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام، والصلاة والناس نيام، قال : فما الدرجات؟ قلت : إسباغ الوضوء في المكروهات، والمشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة قال : صدقت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي رافع قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مشرق اللون يعرف السرور في وجهه، فقال : رأيت ربي في أحسن صورة، فقال لي : يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : يا رب، في الكفارات . قال : وما الكفارات؟ قال : إبلاغ الوضوء أماكنه على الكراهيات، والمشي على الأقدام إلى الصلوات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 622 ] وأخرج ابن نصر والطبراني ، وابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أتاني ربي في أحسن صورة فقال : يا محمد . فقلت : لبيك وسعديك، قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري! فوضع يده بين ثديي فعلمت في مقامي ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الدرجات والكفارات؛ فأما الدرجات : فإبلاغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، قال : صدقت، من فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من خطيئته كما ولدته أمه . وأما الكفارات؛ فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، وطيب الكلام، والصلاة والناس نيام، ثم قال : قلت : وما أقول؟ قال : قل : اللهم إني أسألك عمل الحسنات وترك السيئات، وحب المساكين، ومغفرة، وأن تتوب علي، وإذا أردت في قوم فتنة فنجني غير مفتون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه عن طارق بن شهاب قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال : في الدرجات والكفارات، فأما الدرجات : فإطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام . [ ص: 623 ] وأما الكفارات؛ فإسباغ الوضوء في السبرات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما أسري بي إلى السماء السابعة قال : يا محمد، فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فذكر الحديث .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في "السنة" والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي عز وجل في أحسن صورة، فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أدري . فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله قال : فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : في الكفارات والدرجات، قال : وما الكفارات؟ قلت : إسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة . قال : فما الدرجات؟ قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، ثم قال : قل، قلت : وما أقول؟ قال : قل اللهم إني أسألك عملا بالحسنات، وتركا للمنكرات، وإذا أردت في قوم فتنة وأنا فيهم، فاقبضني إليك غير مفتون .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 624 ] وأخرج محمد بن نصر في كتاب "الصلاة" والطبراني في "السنة" عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة، فقال له قائل : ما رأيناك أسفر وجها منك الغداة؟ قال : وما لي لا أكون كذلك، وقد تبدى لي ربي عز وجل في أحسن صورة، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ قلت : لا علم لي يا رب . فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي، فعلمت ما بين السماء والأرض، فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد . فقلت : في الكفارات، قال : وما هن؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد لانتظار الصلوات، ووضع الوضوء أماكنه في المكاره . قال : وفيم؟ قلت : في الدرجات، قال : وما هن؟ قلت : إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام، ثم قال : يا محمد، قل : فقلت : اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تتوب علي، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون . تعلموهن فوالذي نفسي بيده إنهن لحق .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 625 ] وأخرج ابن نصر والطبراني في "السنة" عن ثوبان قال : خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح فقال : إن ربي عز وجل أتاني الليلة في أحسن صورة، فقال : يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت : لا أعلم يا رب . قال : فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله في صدري، فتجلى لي ما بين السماء والأرض، قلت : نعم يا رب، يختصمون في الكفارات والدرجات . قال : فما الدرجات؟ قلت : إطعام الطعام، وبذل السلام، وقيام الليل والناس نيام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأما الكفارات : فمشي على الأقدام إلى الجماعات، وإسباغ الوضوء في الكراهيات وجلوس في المساجد خلف الصلوات، ثم قال : يا محمد قل تسمع وسل تعطه . قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني إليك وأنا غير مفتون، اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يبلغني إلى حبك .


                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية