الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والأصح أن ) ( من أيسر ) ببعض صاع وهو فطرة الواحد ( يلزمه ) أي إخراجه محافظة على الواجب بقدر الإمكان والثاني يقول لم يقدر على الواجب ( و ) الأصح ( أنه لو وجد بعض الصيعان قدم ) وجوبا ( نفسه ) لخبر { ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك ، فإن فضل شيء فلذي قرابتك } والثاني يقدم زوجته والثالث يتخير ( ثم زوجته ) لتأكد نفقتها ; لأنها معاوضة لا تسقط بمضي الزمان ( ثم ولده الصغير ) [ ص: 120 ] لأنه أعجز ممن يأتي ونفقته ثابتة بالنص والإجماع ( ثم الأب ) وإن علا ولو من قبل الأم لشرفه ( ثم الأم ) كذلك عكس النفقة لأنها للحاجة والأم أحوج ، وأما الفطرة فطهرة وشرف والأب أولى بهما فإنه منسوب إليه ويشرف بشرفه ، ولأن الزكاة عبادة بدنية وهي للرجال آكد بخلاف النفقة . قال في المجموع : ومرادهم بأنها كالنفقة أصل الترتيب لا كيفيته ، وأبطل الإسنوي الفرق بالولد الصغير فإنه يقدم على الأبوين هنا وهما أشرف منه فدل على اعتبارهم الحاجة في البابين ، ورده الوالد رحمه الله تعالى بأنهم إنما قدموا الولد الصغير عليهما ; لأنه كبعض والده ونفسه مقدمة عليهما . ويمكن الجواب أيضا بأن النظر للشرف إنما يظهر وجهه عند اتحاد الجنس كالأصالة وحينئذ فلا يرد ما ذكره ( ثم ) ولده ( الكبير ) الذي لا كسب له وهو زمن أو مجنون ، فإن لم يكن كذلك لم تجب نفقته كما سيأتي في بابه ، ثم الرقيق لأن الحر أشرف منه وعلاقته لازمة بخلاف الملك ، وينبغي كما أفاده الشيخ أن يبدأ منه بأم الولد ثم بالمدبر ثم بالمعلق عتقه بصفة ، فلو استوى اثنان في درجة كابنين وزوجتين تخير لاستوائهما في الوجوب وإن تميز بعضهم بفضائل فيما يظهر لأن الأصل فيها التطهير وهم مستوون فيه بل الناقص أحوج إليه ، وإنما لم يوزع بينهما لنقص المخرج عن الواجب في حق كل منهما بلا ضرورة بخلاف ما إذا لم يجد إلا بعض الواجب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : قدم وجوبا نفسه ) فلو وجد بعض الصيعان وخالف الترتيب فإن المتجه عدم الاعتداد مع الإثم ويتجه الاسترداد وإن لم يشرطه ولا علم القابض لفساد القبض من أصله م ر ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقول حج : وخالف الترتيب ويعلم ذلك منه فيقبل قوله في ذلك . وبقي ما لو وجد كل الصيعان هل يجب الترتيب أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب عدم الوجوب كما نقله سم على حج عن الشارح استدراكا على حج .

                                                                                                                            ( قوله : ثم زوجته ) الظاهر أنه لو كان الزوج موسرا فلا خرجت عن نفسها بغير إذنه لا رجوع لها لأنها متبرعة فليتأمل ، ولأنها على الزوج كالحوالة على الصحيح ، والمحيل لو أدى بغير إذن المحال عليه لم يرجع عليه فليتأمل .

                                                                                                                            [ فرع ] خادم الزوجة حيث وجبت فطرتها يكون في أي مرتبة ينبغي أن يكون بلد الزوجة ، وقيل سائر [ ص: 120 ] من عداها حتى ولده الصغير وما يلده لأنها وجبت بسبب الزوجية المقدمة على سائر من عداها وفاقا في ذلك لمر ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            ( قوله : لأنه أعجز ممن يأتي ) أي الأب وما بعده .

                                                                                                                            ( قوله : لأنه كبعض والده ) لكن يرد عليه تأخير الوالد الكبير عن الأبوين مع أنه بعضه ( قوله : ثم الرقيق ) أي ثم بعد الولد قدم الرقيق ا هـ سم على منهج .

                                                                                                                            [ فرع ] قال لعبده أنت حر مع آخر جزء من رمضان ، فهل تجب على العبد فطرته بشرطه ؟ لا يبعد الوجوب لأن الحرية حاصلة مع آخر جزء كالجزء الأول من شوال ، فقد تحققت الحرية مع سبب الوجوب ا هـ سم على منهج . لكن يبقى الكلام في تصوير ملكه وقت الوجوب ما يخرجه ، فإنه قبل وقت الوجوب رقيق ووقت نفوذ العتق لا ملك له ، وما يقع من الإرث أو الهبة أو نحوهما بعد الوجوب لا يوجب عليه الإخراج فليتأمل . ويمكن تصويره بما لو مات مورثه مقارنا لغروب الشمس فيقع العتق وملك ما يصرفه في الزكاة متقارنين فيقدر سبق الملك على الحرية أو سبقهما معا على غروب الشمس .

                                                                                                                            ( قوله : كابنين ) هل مثلهما أبو الأب وأبو الأم لاستوائهما في الدرجة أو يقدم أبو الأب لتقدم ابنه على الأم ؟ فيه نظر ، وقضية إطلاقه الأول فليراجع .

                                                                                                                            ( قوله : إلا بعض الواجب ) أي فإنه يخرجه عن نفسه مثلا وإن لم يف بالواجب للضرورة ، وليس المراد أنه لا يتخير إذا قدر على بعض الواجب عند استواء اثنين في درجة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية