الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( يستحب للإمام أن يأمر من خلفه بتسوية الصفوف ; لما روى أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " { اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من وراء ظهري } ، قال أنس : فلقد رأيت أحدنا يلصق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) حديث أنس صحيح رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بلفظه للبخاري ومعناه لمسلم مختصرا ، وقوله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 123 ] وتراصوا " فهو بتشديد الصاد ، قال الخطابي وغيره : معناه تضاموا وتدانوا ليتصل ما بينكم قال أصحابنا : يسن للإمام أن يأمر المأمومين بتسوية الصفوف عند إرادة الإحرام بها ، ويستحب إذا كان المسجد كبيرا أن يأمر الإمام رجلا يأمرهم بتسويتها ، ويطوف عليهم أو ينادي فيهم ، ويستحب لكل واحد من الحاضرين أن يأمر بذلك من رأى منه خللا في تسوية الصف ، فإنه من الأمر بالمعروف والتعاون على البر والتقوى ، والمراد بتسوية الصفوف إتمام الأول فالأول ، وسد الفرج ، ويحاذي القائمين فيها بحيث لا يتقدم صدر أحد ولا شيء منه على من هو بجنبه ، ولا يشرع في الصف الثاني حتى يتم الأول .

                                      ولا يقف في صف حتى يتم ما قبله .

                                      ( فرع ) في جملة من الأحاديث الصحيحة في الصفوف " عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة } رواه البخاري ومسلم ، وفي رواية للبخاري " فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة " معناه من إقامة الصلاة التي أمر الله - تعالى - بها في قوله تعالى ( { وأقيموا الصلاة } ) وعن أبي مسعود البدري قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ، ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم } رواه مسلم وعن النعمان بن بشير قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم } رواه البخاري ومسلم وفي رواية لمسلم : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسوي صفوفنا حتى كأنما يسوي بها القداح ، حتى رأى أنا قد عقلنا عنه ، ثم خرج يوما حتى كاد يكبر فرأى رجلا باديا صدره من الصف فقال : عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم } .

                                      وعن البراء بن عازب قال : " { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول : لا تختلفوا فتختلف قلوبكم ، وكان يقول : إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول } " رواه أبو داود بإسناد حسن .

                                      وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 124 ] قال : { أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ، ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ، ومن وصل صفا وصله الله ، ومن قطع صفا قطعه الله } رواه أبو داود بإسناد صحيح .

                                      وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " { رصوا صفوفكم وقاربوا بينها ، وحاذوا بين المناكب بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطان يدخل من خلل الصف كأنه الحذف } حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط مسلم الحذف بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين ثم فاء وهي غنم سود صغار تكون باليمن ، وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { أتموا الصف الأول فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر } وراه أبو داود بإسناد حسن ، وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة غير هذه ، وفي هذه كفاية وأما فضيلة الصف الأول وميامن الصفوف فستأتي فيه الأحاديث الصحيحة إن شاء الله - تعالى - حيث ذكرها المصنف في باب موقف الإمام والمأموم .

                                      ( فرع ) مذهبنا ، ومذهب الجمهور من أهل الحجاز وغيرهم جواز الكلام بعد إقامة الصلاة قبل الإحرام لكن الأولى تركه إلا لحاجة وكرهه أبو حنيفة وغيره من الكوفيين ، ودليلنا هذه الأحاديث الصحيحة السابقة .




                                      الخدمات العلمية