الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 456 - 457 ] قال : ( ولا الصوف على ظهر الغنم ) لأنه من أوصاف الحيوان ولأنه ينبت من أسفل ، فيختلط المبيع بغيره بخلاف القوائم لأنها تزيد من أعلى وبخلاف الفصيل لأنه يمكن قلعه والقطع في الصوف متعين فيقع التنازع في موضع القطع . وقد صح { أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم وعن لبن في ضرع وعن سمن في لبن } ، وهو حجة على أبي يوسف رحمه الله في هذا الصوف حيث جوز بيعه فيما يروى عنه .

                                                                                                        قال : ( وجذع في سقف وذراع من ثوب ، ذكرا القطع أو لم يذكراه ) لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر بخلاف ما إذا باع عشرة دراهم من نقرة فضة لأنه لا ضرر في تبعيضه ولو لم يكن معينا لا يجوز لما ذكرنا وللجهالة أيضا ، لو قطع البائع الذرع أو قلع الجذع قبل أن يفسخ المشتري يعود صحيحا لزوال المفسد ، بخلاف ما إذا باع النوى في التمر أو البذر في البطيخ حيث لا يكون صحيحا وإن شقهما وأخرج المبيع لأن في وجودهما احتمالا ، أما الجذع فعين موجود . قال ( وضربة القانص ) وهو ما يخرج من الصيد بضرب الشبكة مرة لأنه مجهول ولأن فيه غررا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث :

                                                                                                        وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم { نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم ، وعن لبن في ضرع ، وسمن في لبن }; قلت : روي موقوفا ومرفوعا مسندا ، ومرسلا . فالمرفوع المسند : رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا حفص بن عمر الحوضي ثنا عمرو بن فروخ ثنا حبيب بن الزبير عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع ثمرة حتى تطعم ، ولا يباع صوف على ظهر ، ولا لبن في ضرع }. انتهى .

                                                                                                        وأخرج الدارقطني ثم البيهقي في " سننيهما " عن عمرو بن فروخ به ، قال الدارقطني : وأرسله وكيع عن عمرو بن فروخ ، ثم أخرجه عن وكيع عن عمرو بن فروخ به مرسلا ، لم يذكر فيه ابن عباس ، وقال البيهقي : تفرد برفعه عمرو بن فروخ ، وليس بالقوي انتهى .

                                                                                                        ونقل شيخنا الذهبي توثيق عمرو بن فروخ عن أبي داود ، وابن معين ، وأبي حاتم . [ ص: 458 ] وأما المرسل : فرواه أبو داود في " مراسيله " عن محمد بن العلاء عن ابن المبارك عن عمرو بن فروخ عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن عباس ، ولا حبيب بن الزبير ; ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " بسنده عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { نهى أن يباع لبن في ضرع ، أو سمن في لبن }انتهى .

                                                                                                        وتراجع ; ورواه الدارقطني في " سننه " عن وكيع عن عمرو بن فروخ عن حبيب بن الزبير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ ابن أبي شيبة .

                                                                                                        وأما الموقوف :

                                                                                                        فرواه أبو داود أيضا في " مراسيله " عن أحمد بن أبي شعيب الحراني عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : لا يباع أصواف الغنم على ظهورها ، ولا ألبانها في ضروعها انتهى .

                                                                                                        ورواه الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن سليمان بن يسار عن ابن عباس ، أنه كان ينهى عن بيع اللبن في ضروع الغنم ، والصوف على ظهورها انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : وروي مرفوعا والصحيح موقوف انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية