الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويستحب أن يخفف في القراءة والأذكار ; لما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف والكبير } وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء ، فإن صلى بقوم يعلم أنهم يؤثرون التطويل لم يكره التطويل ; لأن المنع لأجلهم وقد رضوا ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وروياه أيضا عن جماعة من الصحابة غير أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض رواياتهم " وذا الحاجة " قال الشافعي والأصحاب : يستحب للإمام أن يخفف القراءة والأذكار بحيث لا يترك من الأبعاض والهيئات شيئا ، ولا يقتصر على الأقل ولا يستوفي الأكمل المستحب للمنفرد من طوال المفصل [ ص: 125 ] وأوساطه ، وأذكار الركوع والسجود .

                                      قال صاحب التتمة وآخرون : التطويل مكروه ، وقد أشار إليه المصنف بقوله : إن آثروا التطويل لم يكره ، وقد نص عليه الشافعي في الأم قال في الأم في باب ما على الإمام من التخفيف قال : " وأحب للإمام أن يخفف الصلاة ويكملها فإن عجل عما أحببت من الإكمال أو زاد على ما أحببت من الإكمال كرهت ذلك له ، ولا إعادة عليه ، ولا على من خلفه إذا جاء بأقل مما عليه " .

                                      قال أصحابنا : فإن صلى بقوم محصورين يعلم من حالهم أنهم يؤثرون التطويل لم يكره التطويل ، قال أبو إسحاق المروزي والشيخ أبو حامد وغيرهما : إنه يستحب التطويل حينئذ وعليه تحمل الأحاديث الصحيحة في تطويل النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأوقات ، فإن جهل حالهم أو كان فيهم من يؤثر التطويل وفيهم من لا يؤثره لم يطول ، اتفق عليه أصحابنا ويؤيده الأحاديث الصحيحة منها حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهة أن أشق على أمه } رواه البخاري ومسلم .

                                      وإن كانوا يؤثرون التطويل ، ولكن المسجد مطروق بحيث يدخل في الصلاة من حضر بعد دخول الإمام فيها لم يطول .

                                      وفي فتاوى الشيخ أبي عمرو بن الصلاح أن الجماعة لو كانوا يؤثرون التطويل إلا واحدا أو اثنين ونحوهما فإن كان لا يؤثره لمرض ونحوه فإن كان ذلك مرة ونحوها خفف ، وإن كثر حضوره طول مراعاة لحق الراضين ولا يفوت حقهم لهذا الفرد الملازم وهذا الذي قاله تفصيل حسن متعين .




                                      الخدمات العلمية