الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          والرجعية : زوجة يلحقها الطلاق ، والظهار ، والإيلاء ، ويباح لزوجها وطؤها ، والخلوة بها ، والسفر بها ، ولها أن تتزين وتتشرف له ، وتحصل الرجعة بوطئها - نوى الرجعة أو لم ينو ، ولا تحصل بمباشرتها ، والنظر إلى فرجها ، والخلوة بها لشهوة - نص عليه ، وخرجه ابن حامد على وجهين ، وعنه : ليست مباحة ، ولا تحصل الرجعة بوطئها ، وإن أكرهها عليه فلها المهر إن لم يرتجعها بعده .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( والرجعية : زوجة يلحقها الطلاق ، والظهار ، والإيلاء ) ويرث أحدهما صاحبه إن مات بالإجماع ، وعنه : لا يصح الإيلاء منها ، فإن خالعها صح خلعه ، وفيه رواية حكاها في " الترغيب " : لأنه يراد للتحريم ، وجوابه : أنها زوجة يصح طلاقها ، فصح خلعها كما قبل الطلاق ، وليس مقصود الخلع التحريم ، بل الخلاص من ضرر الزوج ، على أننا نمنع كونه محرمة ، وتستحق النفقة كالزوجة .

                                                                                                                          ( ويباح لزوجها وطؤها ، والخلوة ، والسفر بها ، ولها أن تتزين وتتشرف له ) في ظاهر المذهب ، وصححه في " المستوعب " ، قال أحمد في رواية أبي طالب : لا تحتجب عنه ، وفي رواية أبي الحارث : تتشرف له ما كانت في العدة ؛ لأنها في حكم الزوجات كما قبل الطلاق ( وتحصل الرجعة بوطئها - نوى الرجعة أو لم ينو ) على المذهب ، اختاره ابن حامد والقاضي ، وقاله كثير من العلماء ؛ لأنه سبب زوال الملك ، انعقد مع الخيار ، والوطء من المالك يمنع زواله كوطء البائع في مدة الخيار ، وكما ينقطع به التوكيل في طلاقها ، وقال ابن أبي موسى : تكون رجعة إذا أراد به الرجعة ، وقاله إسحاق ( ولا تحصل بمباشرتها ، والنظر إلى [ ص: 394 ] فرجها ، والخلوة بها لشهوة - نص عليه ) ؛ لأن ذلك كله ليس في معنى الوطء ، إذ الوطء يدل على ارتجاعها دلالة ظاهرة بخلاف ما ذكر ، وقال بعض أصحابنا : تحصل الرجعة بها ؛ لأنه معنى يحرم من الأجنبية ، والحل من الزوجة ، فحصلت به الرجعة كالاستمتاع ، والصحيح الأول ؛ لأنه لا يبطل خيار المشتري للأمة ، وكاللمس لغير شهوة ( وخرجه ابن حامد على وجهين ) مبنيين على الروايتين في تحريم المصاهرة به ، أحدهما : هو رجعة ؛ لأنه استمتاع يباح بالزوجة ، فحصلت الرجعة به كالوطء ، والثاني : ليس برجعة ؛ لأنه أمر لا يتعلق به إيجاب عدة ولا مهر ، فلا تحصل به كالوطء ( وعنه : ليست مباحة ) ؛ لأنها مطلقة ، فوجب عدم إباحتها كالمطلقة بعوض ( ولا تحصل الرجعة بوطئها ) بل لا تحصل إلا بالقول ، وهو ظاهر الخرقي ؛ لأنه استباحة بضع مقصود أمر بالإشهاد فيه ، فلم يحصل من القادر بغير قول كالنكاح ؛ ولأن غير القول فعل من قادر على القول ، فلم تحصل الرجعة به ، كالإشارة من الناطق ، فعليها لا مهر لها ( وإن أكرهها عليه فلها المهر ) ؛ لأن وطأها حرمه الطلاق ، فأوجب المهر كوطء البائن ( إن لم يرتجعها بعده ) وقاله جمع ؛ لأنه إذا ارتجعها بعده تبينا أن الطلاق السابق لم يكن مفضيا إلى البينونة ، فوجب ألا يكون محرما ، فلا يكون موجبا ، والمذهب : أنه لا مهر بوطئها ، فلزمه ، سواء رجع أم لا ؛ لأنه وطئ زوجته التي يلحقها طلاقه ، فلم يلزمه مهرها كالزوجات ، قال في " الشرح " : والأول أولى لظهور الفرق ، فإن البائن ليست زوجة له ، وهذه زوجة يلحقها طلاقه .

                                                                                                                          [ ص: 395 ] فرع : لا حد عليه في هذا الوطء ، وهل يعزر ؛ فيه خلاف .




                                                                                                                          الخدمات العلمية