الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية السادسة قوله تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } .

                                                                                                                                                                                                              فيها مسألتان : المسألة الأولى لا خلاف أن الآية الأولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، وهذه الآية اختلف الناس فيها على أربعة أقوال : الأول أنها هذه القرى التي قوتلت ، فأفاء الله بمالها ; فهي لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ; قاله عكرمة وغيره ، ثم نسخ ذلك في سورة الأنفال .

                                                                                                                                                                                                              الثاني هو ما غنمتم بصلح من غير إيجاف خيل ولا ركاب ، فيكون لمن سمى الله فيه ، والأولى للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، إذا أخذ منه حاجته كان الباقي في مصالح المسلمين .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : قال معمر : الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم والثانية في الجزية والخراج للأصناف المذكورة فيه ، والثالثة الغنيمة في سورة الأنفال للغانمين .

                                                                                                                                                                                                              الرابع روى ابن القاسم وابن وهب في قوله تعالى : { فما أوجفتم عليه من خيل ولا [ ص: 180 ] ركاب } هي النضير ، لم يكن فيها خمس ، ولم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ، كانت صافية لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها بين المهاجرين وثلاثة من الأنصار : أبي دجانة سماك بن خرشة ، وسهل بن حنيف ، والحارث بن الصمة . وقوله تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } هي قريظة وكانت قريظة والخندق في يوم واحد .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية هذا لباب الأقوال الواردة ; وتحقيقها أنه لا خلاف أن السورة سورة النضير ، وأن الآيات الواردة فيها آيات بني النضير وإن كان قد دخل فيها بالعموم من قال بقولهم وفعل فعلهم ، وفيها آيتان : الآية الأولى قوله تعالى : { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } . والثانية قوله تعالى : { ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى } .

                                                                                                                                                                                                              وفي الأنفال آية ثالثة ، وهي : { واعلموا أنما غنمتم من شيء } .

                                                                                                                                                                                                              واختلف الناس : هل هي ثلاثة معان أو معنيان ؟ ولا إشكال في أنها ثلاثة معان في ثلاث آيات : أما الآية الأولى فهي قوله : { هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر } . ثم قال : { وما أفاء الله على رسوله منهم } يعني من أهل الكتاب معطوفا عليه { فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } يريد كما بينا فلا حق لكم فيه ; ولذلك قال عمر : إنها كانت خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بني النضير ، وما كان مثلها ، فهذه آية واحدة ومعنى متحد .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية