الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الرابع : في تبعية الإمام في المكان

                                                                                                                وفيه فروع أربعة :

                                                                                                                الأول : قال في الكتاب : إذا صلى بقوم على ظهر المسجد وهم أسفل من ذلك لا يعجبني . قال صاحب الطراز : ظاهر المذهب لا فرق بين أن يكون معه [ ص: 257 ] جماعة أم لا ، وفي الجلاب إذا كان معه طائفة فلا بأس ; لأن المقصود اتباع الإمام في المكان ، وكذلك كره مالك صلاتهم فوقه ، أو في دور محجور عليها بإمام في المسجد ، وفي أبي داود قال عليه السلام : إذا أم الرجل القوم فلا يقم في مكان أرفع من مقامهم . قال : والمذهب صحة الصلاة ، وقال صاحب الإشراف : إذا كان الإمام فوق السطح لا تصح صلاة المأموم ; لأنه محتاج إلى عمل في الصلاة بالنظر لضبط أحوال الإمام ، قال : وهو ينتقض بمن كان إمامه على يمينه أو يساره ، والكراهة مع عدم الضرورة ، وإعادة المأموم في الوقت عند ابن حبيب ، ولا كراهة في الكدى ; لأنها في العرف أرض واحدة ، قال في الكتاب : وعليهم الإعادة بعد الوقت إذا صلى إمامهم على دكان في المحراب ، إلا أن تكون يسيرة الارتفاع فصلاتهم تامة . قال صاحب النوادر : قال بعض أصحابنا : مثل الشبر وعظم الذراع ، قال صاحب الطراز : وقد أسقط أبو سعيد المسألة الأولى اكتفاء بهذه وليست في معناها ، فإن هذه أشار فيها مالك لفعل بني أمية فإنهم كانوا يفعلون ذلك كبرياء وهو ينافي الصلاة ; لكونها مبنية على الخشوع والخضوع ، وفي الجواهر إذا كان الارتفاع كثيرا ففي بطلان صلاة المرتفع ثلاثة أقوال : البطلان ونفيه واشترط التكبير في حق المأموم ، والبطلان في حق الإمام مطلقا ، وكل من قصد التكبر منهما بطلت صلاته وصلاة من خلفه إذا كان إماما ، ولا خلاف في المذهب أن القصد إلى ذلك محرم ، وأنه متى [ ص: 258 ] حصل بطلت الصلاة ، وإذا كان مع الإمام طائفة قصدوا التكبر على بقية الجماعة بطلت صلاتهم ، وإن لم يقصدوا ففي الإعادة قولان .

                                                                                                                الثاني : كره في الكتاب الصلاة بين يدي الإمام ، قال : وهي تامة ، وقال ش وح : فاسدة ولو كانوا في المسجد ، ومنع ش في الدور إلا أن تتصل الصفوف . لنا ما رواه مالك في الكتاب أن دارا لآل عمر بن الخطاب أمام القبلة كانوا يصلون فيها بصلاة الإمام ، ولم ينكر عليهم الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - نعم يكره لعدم علمهم سهو الإمام ، قال صاحب الطراز : فإن سها الإمام يقطع المأموم ، ولا يبني لنفسه مع وجود الإمام بخلاف السفن إذا فرقها الريح ; لأنه بغير تفريط كالرعاف فإن تمادى معه فركع قبله وسجد بعده . وقد قال مالك في الأعمى : يفعل ذلك ولا يشعر يعيد الصلاة .

                                                                                                                فرع :

                                                                                                                قال : يكتفي بتكبير من خلف الإمام ولو كان في المسجد مبلغ جاز ; لأن إمام الكل واحد ، وفي أبي داود اشتكى النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس الحديث . وأجازه ابن عبد الحكم والشافعية في الفرض والنفل وابن حبيب في النفل ، وفي الجواهر في صلاة المسمع والصلاة به ثلاثة أقوال ، [ ص: 259 ] ثالثها التفرقة بين إذن الإمام فتصح وبين عدمه فتبطل ، الثالث أجاز في الكتاب صلاة أهل السفن المتقاربة بإمام واحد في واحدها ، فلو فرقتهم الريح ، ففي النوادر لابن عبد الحكم يستخلفون ، قال أبو طاهر : وإن صلوا أفذاذا جاز فإن اجتمعوا بعد التفرق لا يرجعون إلى الإمام بخلاف المسبوق يظن أن إمامه أكمل فيقوم للقضاء ، ثم يتبين له فإنه يرجع ولا يعتد بما فعله ، والفرق : أن تفرقة السفن اضطرارية .

                                                                                                                الرابع : أجاز في الكتاب أن يكون بينهما نهر صغير ، وقاله ش ، ومنعه ح وجعل كل فاصل بينهما يقطع التبعية . لنا أن أزواجه - عليه السلام - كن يصلين في حجرهن بصلاته - عليه السلام - وحد ش النهر بثلاثمائة ذراع بينه وبين الصفوف والإمام ، وقال صاحب الإشراف : إن كان الطريق أو النهر لا يمنع سماع التكبير جائز .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية