الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وألق ما في يمينك فلم يذكر أنه العصا؛ ثم بينها بعود الضمير على لفظ العصا؛ بالتاء؛ وقد علل الله (تعالى) لقف العصي والحبال؛ فقال: إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى "ما "؛ هنا؛ اسم موصول بمعنى "الذي "؛ وهي اسم "إن "؛ وقوله (تعالى): كيد ساحر خبر "إن "؛ وأفرد "ساحر "؛ مع أنهم كانوا كثرة كاثرة؛ حتى ادعي في الأساطير [ ص: 4750 ] أنهم كانوا سبعين ألفا؛ والله أعلم بعددهم؛ وعلى أي حال كانوا عددا غير قليل؛ أفرد لأن المقصود وصف "ساحر "; ولأن التدبير لا يمكن أن يكون من الجميع؛ إنما هو من واحد؛ وأقره الجميع عليه؛ ونكر لأنه واحد من جمعهم؛ لا يهم معرفة شخصه؛ وعبر - سبحانه - بـ "كيد ساحر "؛ لأنه تدبيره؛ فهو ليس قلبا للحقائق؛ فلم يقلب الجامد إلى حي يسعى؛ وإنما خيل للأعين فقط؛ فهو تدبير ماكر؛ يكيد للحق؛ وليس قلبا للحقائق قط.

                                                          وقال (تعالى): ولا يفلح الساحر حيث أتى كان التعريف بـ "ال "؛ التي للجنس؛ ويكون المعنى: ولا يفلح من كانا عمله السحر؛ في أي مكان أتى؛ فكلمة "حيث أتى "؛ "حيث "؛ ظرف مكان؛ أي: من أي مكان أتى؛ وإلى أي مكان سار؛ فهو لا فوز له أبدا؛ ولكن ضلال وتمويه وتخيل للأعين واسترهاب للنفوس.

                                                          عندما استعان فرعون بالسحر والسحرة؛ استعان بهم ليغلبوا؛ ولكنهم كانوا المميزين بين السحر والمعجزة؛ فأدركوا أن عصا موسى ليست من السحر؛ ولكنها معجزة الله (تعالى)؛ أعطاها موسى؛ فآمنوا؛ قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية