nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28995_30491_28750_32028قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين
تلقين آخر للرسول عليه الصلاة والسلام بما يرد بهتانهم بقلة الاكتراث بمواعيدهم الكاذبة وأن يقتصروا من الطاعة على طاعة الله
[ ص: 280 ] ورسوله فيما كلفهم دون ما تبرعوا به كذبا ، ويختلف معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أطيعوا الله وأطيعوا الرسول بين معاني الأمر بإيجاد الطاعة المفقودة أو إيهام طلب الدوام على الطاعة على حسب زعمهم .
وأعيد الأمر بالقول للاهتمام بهذا القول فيقع كلاما مستقلا غير معطوف .
وقوله : ( فإن تولوا ) يجوز أن يكون تفريعا على فعل ( أطيعوا ) فيكون فعل ( تولوا ) من جملة ما أمر النبيء صلى الله عليه وسلم بأن يقوله لهم ويكون فعلا مضارعا بتاء الخطاب . وأصله : تتولوا بتاءين حذفت منهما تاء الخطاب للتخفيف وهو حذف كثير في الاستعمال . والكلام تبليغ عن الله تعالى إليهم ، فيكون ضميرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فعليه ما حمل ) عائدين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
ويجوز أن يكون تفريعا على فعل ( قل ) ، أي : فإذا قلت ذلك فتولوا ولم يطيعوا إلخ ، فيكون فعل ( تولوا ) ماضيا بتاء واحدة مواجها به النبيء صلى الله عليه وسلم ، أي : فإن تولوا ولم يطيعوا فإنما عليك ما حملت من التبليغ وعليهم ما حملوا من تبعة التكليف . كمعنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=82فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين في سورة النحل فيكون في ضمائر
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم التفات . وأصل الكلام : فإنما عليك ما حملت وعليهم ما حملوا . والالتفات محسن لا يحتاج إلى نكتة .
وبهذين الوجهين تكون الآية مفيدة معنيين : معنى من تعلق خطاب الله تعالى بهم وهو تعريض بتهديد ووعيد ، ومعنى من موعظة النبيء صلى الله عليه وسلم إياهم وموادعة لهم . وهذا كله تبكيت لهم ليعلموا أنهم لا يضرون بتوليهم إلا أنفسهم . ونظيره قوله في سورة آل عمران :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب هم
اليهود nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23يدعون إلى كتاب الله إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=32قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين .
[ ص: 281 ] واعلم أن هذين الاعتبارين لا يتأتيان في المواضع التي يقع فيها الفعل المضارع المفتتح بتاءين في سياق النهي نحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=20ولا تولوا عنه وأنتم تسمعون في سورة الأنفال ، وأما قوله تعالى في سورة القتال :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم فثبتت فيه التاءان ; لأن الكلام فيه موجه إلى المؤمنين ، فلم يكن فيه ما يقتضي نسج نظمه بما يصلح لإفادة المعنيين المذكورين في سورة النور وفي سورة آل عمران .
والبلاغ : اسم مصدر بمعنى التبليغ كالأداء بمعنى التأدية . ومعنى كونه مبينا أنه فصيح واضح .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وإن تطيعوه تهتدوا إرداف الترهيب الذي تضمنه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وعليكم ما حملتم بالترغيب في الطاعة استقصاء في الدعوة إلى الرشد .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وما على الرسول إلا البلاغ المبين بيان لإبهام قوله : ( ما حمل ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54nindex.php?page=treesubj&link=28995_30491_28750_32028قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ
تَلْقِينٌ آخَرُ لِلرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا يَرُدُّ بُهْتَانَهُمْ بِقِلَّةِ الِاكْتِرَاثِ بِمَوَاعِيدِهِمُ الْكَاذِبَةِ وَأَنْ يَقْتَصِرُوا مِنَ الطَّاعَةِ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ
[ ص: 280 ] وَرَسُولِهِ فِيمَا كَلَّفَهُمْ دُونَ مَا تَبَرَّعُوا بِهِ كَذِبًا ، وَيَخْتَلِفُ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ بَيْنَ مَعَانِي الْأَمْرِ بِإِيجَادِ الطَّاعَةِ الْمَفْقُودَةِ أَوْ إِيهَامِ طَلَبِ الدَّوَامِ عَلَى الطَّاعَةِ عَلَى حَسَبِ زَعْمِهِمْ .
وَأُعِيدَ الْأَمْرُ بِالْقَوْلِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَذَا الْقَوْلِ فَيَقَعُ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا غَيْرَ مَعْطُوفٍ .
وَقَوْلُهُ : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى فِعْلِ ( أَطِيعُوا ) فَيَكُونَ فِعْلُ ( تَوَلَّوْا ) مِنْ جُمْلَةِ مَا أُمِرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ وَيَكُونَ فِعْلًا مُضَارِعًا بِتَاءِ الْخِطَابِ . وَأَصْلُهُ : تَتَوَلَّوْا بِتَاءَيْنِ حُذِفَتْ مِنْهُمَا تَاءُ الْخِطَابِ لِلتَّخْفِيفِ وَهُوَ حَذْفٌ كَثِيرٌ فِي الِاسْتِعْمَالِ . وَالْكَلَامُ تَبْلِيغٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى إِلَيْهِمْ ، فَيَكُونُ ضَمِيرَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَعَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ) عَائِدَيْنِ إِلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى فِعْلِ ( قُلْ ) ، أَيْ : فَإِذَا قُلْتَ ذَلِكَ فَتَوَلَّوْا وَلَمْ يُطِيعُوا إِلَخْ ، فَيَكُونُ فِعْلُ ( تَوَلَّوْا ) مَاضِيًا بِتَاءٍ وَاحِدَةٍ مُوَاجِهًا بِهِ النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَيْ : فَإِنْ تَوَلَّوْا وَلَمْ يُطِيعُوا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ مَا حُمِّلْتَ مِنَ التَّبْلِيغِ وَعَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا مِنْ تَبِعَةِ التَّكْلِيفِ . كَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=82فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ فِي سُورَةِ النَّحْلِ فَيَكُونُ فِي ضَمَائِرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمُ الْتِفَاتٌ . وَأَصْلُ الْكَلَامِ : فَإِنَّمَا عَلَيْكَ مَا حُمِّلْتَ وَعَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا . وَالِالْتِفَاتُ مُحَسَّنٌ لَا يَحْتَاجُ إِلَى نُكْتَةٍ .
وَبِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ تَكُونُ الْآيَةُ مُفِيدَةً مَعْنَيَيْنِ : مَعْنًى مِنْ تَعَلُّقِ خِطَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِهِمْ وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِتَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ ، وَمَعْنًى مِنْ مَوْعِظَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ وَمُوَادَعَةٍ لَهُمْ . وَهَذَا كُلُّهُ تَبْكِيتٌ لَهُمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُمْ لَا يَضُرُّونَ بِتَوَلِّيهِمْ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ . وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ هُمُ
الْيَهُودُ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=23يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=32قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ .
[ ص: 281 ] وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الِاعْتِبَارَيْنِ لَا يَتَأَتَّيَانِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَقَعُ فِيهَا الْفِعْلُ الْمُضَارِعُ الْمُفْتَتَحُ بِتَاءَيْنِ فِي سِيَاقِ النَّهْيِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=2وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=267وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=20وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْقِتَالِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=38وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ فَثَبَتَتْ فِيهِ التَّاءَانِ ; لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا يَقْتَضِي نَسْجَ نَظْمِهِ بِمَا يَصْلُحُ لِإِفَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي سُورَةِ النُّورِ وَفِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ .
وَالْبَلَاغُ : اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّبْلِيغِ كَالْأَدَاءِ بِمَعْنَى التَّأْدِيَةِ . وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُبَيَّنًا أَنَّهُ فَصِيحٌ وَاضِحٌ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا إِرْدَافُ التَّرْهِيبِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ بِالتَّرْغِيبِ فِي الطَّاعَةِ اسْتِقْصَاءً فِي الدَّعْوَةِ إِلَى الرُّشْدِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ بَيَانٌ لِإِبْهَامِ قَوْلِهِ : ( مَا حُمِّلَ ) .