الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى قالوا مؤكدين إيمانهم بـ "إن "؛ أولا؛ وبالجملة الاسمية؛ ثانيا؛ وبقولهم "بربنا "؛ أي: الذي خلقنا؛ وأنشأنا إنشاء؛ فكأنهم يوثقون إيمانهم بأنه إيمان بمن خلق؛ وصور؛ لا بمن يظهر قدرته في العذاب والإيذاء؛ لا في الخلق والإنشاء.

                                                          وذكروا ما يرجون من وراء إيمانهم؛ فقالوا: ليغفر لنا خطايانا واللام هنا لام العاقبة؛ أي: لتكون عاقبة إيماننا بربنا أن يغفر لنا خطايانا؛ و "الخطايا "؛ جمع "خطيئة "؛ و "الخطيئة "؛ هي الذنب الذي يحيط بالنفس ويستولي عليها؛ حتى يصير كأنه صفة من صفات النفس؛ يصدر عنها؛ من غير تدبر ولا تفكر؛ ولذا قال (تعالى): بلى من كسب [ ص: 4755 ] سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وذلك أن الإنسان إذا أذنب ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء؛ فإذا تكررت؛ تكررت هذه النكت؛ حتى يربد فيمتلئ بالخطايا؛ وتصدر عنه أفعالها كأنه غير قاصد لها؛ وهي للضال تشبه الخطأ من الصالح في ذات نفسه؛ ومن تقع منه يسم خاطئا؛ أي: آثما.

                                                          وقد ذكر رجاء الغفران من خطاياهم؛ أي: آثامهم؛ التي كانت منهم؛ وهم في ديانة القدماء من المصريين؛ وقد اعترفوا أنهم كانوا يفعلون هذه الخطايا مختارين؛ والأمر الثاني الذي اعترفوا به هو السحر؛ وهو إثم؛ ولكنهم ذكروا في هذا أن فرعون كان يكرههم؛ ولذا قالوا: وما أكرهتنا عليه من السحر وإذا كنت يذهب غرورك بأن تقول: ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى فنحن نقول الحق؛ "والله خير وأبقى "؛ فالله هو الدائم؛ وهو الخير كله؛ فلا يكون عنه إلا خير؛ ولا يرضى لنا إلا كل خير.

                                                          ولقد بينوا رجاءهم في الله؛ وعاقبة المجرمين؛ فقال الله (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية