الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2226 - مسألة : كم الطائفة التي تحضر حد الزاني أو رجمه ؟

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد رحمه الله : قال الله تعالى { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } قال { ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين } .

                                                                                                                                                                                          فصح أن عذاب الزناة الجلد ، ومع الجلد الرجم والنفي .

                                                                                                                                                                                          ثم اختلف العلماء في مقدار الطائفة التي افترض الله تعالى أن تشهد العذاب المذكور - فقالت طائفة : هي واحد من الناس ، فإن زاد فجائز - وهو قول ابن عباس .

                                                                                                                                                                                          كما روى الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : الطائفة رجل ، وبهذا يقول أصحابنا .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : الطائفة اثنان فصاعدا . كما روينا عن عطاء قال : اثنان فصاعدا - وبه يقول إسحاق بن راهويه .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 218 ] وقالت طائفة : ثلاثة فصاعدا ، كما روينا عن ابن شهاب . وقال ابن وهب : سمعت شمر بن نمير يحدث عن الحسين بن عبيد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مثله - سواء سواء - أن الطائفة ثلاثة فصاعدا - وبه يقول الشافعي في أحد قوليه .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : الطائفة - نفر دون أن يحدوا عددا ، كما روينا عن معمر عن قتادة أنه سمع { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } قال : نفر من المسلمين .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : الطائفة - أربعة فصاعدا ، كما روينا عن الليث بن سعد . وقالت طائفة : الطائفة - خمسة فصاعدا ، كما روينا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة : الطائفة - عشرة ، كما روي عن الحسن البصري أنه قال : الطائفة عشرة ؟ قال أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا - كما ذكرنا - وجب أن ننظر في ذلك فوجدنا جميع الأقوال لا يحتج بها إلا قول مجاهد ، وابن عباس ، وهو أن الطائفة : واحد فصاعدا - فوجدناه قولا يوجبه البرهان من القرآن ، والإجماع ، واللغة .

                                                                                                                                                                                          فأما القرآن - فإن الله تعالى يقول { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى } الآية ، فبين تعالى نصا جليا أنه أراد بالطائفتين هنا الاثنين فصاعدا : بقوله في أول الآية ( اقتتلوا ) وبقوله تعالى { فإن بغت إحداهما على الأخرى } وبقوله تعالى في آخر الآية { فأصلحوا بين أخويكم } وبرهان آخر - وهو أن الله تعالى قال { : وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } وبيقين ندري أن الله تعالى لو أراد بذلك عددا من عدد لبينه ، ولأوقفنا عليه ، ولم يدعنا نخبط فيه خبط عشواء ، حتى نتكهن فيه الظنون الكاذبة ، حاش لله تعالى من هذا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية