الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الإعـلان من منظـور إسلامي

الدكتور / أحمد عيساوي

الإعلان الغربي

لمحة تاريخية وصفية نقدية

إن الإعلان قديم قدم الإنسان نفسه على هذه الأرض، وجد مع الإنسان منذ أن بدأ يمارس فيها مختلف نشاطات حياته. وقد يكون قدماء المصريين -كما أشارت إلى ذلك معظم الدراسات والأبحاث التاريخية والإعلامية- أول من أبدع فن الإعلان وتعامل به، وأول من استخدم الكتابة فيه، فقد عثر على إعلان مكتوب على ورق البردي، يرجع تاريخه إلى حوالي ألف عام قبل الميلاد، كتبه أمير مصري يعلن فيه عن مكافأة مالية معتبرة لمن يرد إليه عبده الذي هرب منه.



[1]

وقد وجد علـماء الآثـار في العراق نشرات ترجـع إلى حوالى ألف وثمانمائة سنة قبل الميلاد، ترشد الزراع إلى كيفية بذر محاصيلهم وريها وعلاجها من الآفات، تشبه إلى حد كبير النشرات الفلاحية الصـادرة اليوم عن وزارة الزراعـة، والتي توجهها عـادة في المواسم إلى المزارعين. [2]

كما وجد أيضا في صغائر مدينة (بومبي) [3] الهالكة بعض [ ص: 37 ] الإعلانـات المكتـوبة على ورق البـردي، وأشياء معـروضة للبـيـع أو مكافآت ونحوها. [4]

وقد وجد ما يشـابهها في آثـار مدينـة (بابل) ، وفي آثـار مدينة (تبسة) ،

[5] حيث كان سكـان البلاد يحفرون في الحجارة على واجهة حوانيتهم، وجدران منازلهم الإعلانات المختلفة، أو يرسمونها بشتى الألوان. [6]

فيما كان يعلق قدماء الإغريق خارج حوانيتهم اللافتات التي تحمل أخبار بضائعهم.. ويرسل قدماء المصريين المنادين بالنداء في الأحياء عن سلعهم وبضائعهم المختلفة. [7]

وهي الطريقة ذاتها التي يستخدمها عرب الجاهلية، حيث كانوا يرسلون المنادين في الأسواق عن البضائع والسلع، وعن غيرها من الأخبار والمعلومات ونشدان الضالة. [8]

ويعتبر أول إعلان ظهر في العصر الحديث ذلك الإعلان الذي نشر [ ص: 38 ] في الصحف البريطانية عن كتاب في أول فبراير عام 1625م، حيث كان يطلق على الإعلانات في ذلك الوقت اسم (نصائح) ، وكانت تتناول الكتب، والأدوية، والشاي، والبن، والشوكولاته، والأشياء (المفقودة) ، والصبيان الضائعين، والعبيد الهاربين.. إلا أن الاستخدام الإعلاني لفن الإعلان بدأ في بريطانيا منذ عام 1655م. [9]

وقد دخل فن الإعلان إلى العالم الإسلامي عن طريق صحيفة (بريـد مصر) ، التي أتـت بها الحمـلة الفرنسية الغازية على مصر، حيث ظهر فيها أول إعلان يوم 29 أغسطس1897م، يبين كيفية الاشتراك في الجريدة. [10]

ثم ظهرت الإعـلانات في مصـر في صدر صفحات جريدة (الوقائع المصرية) عن كيفية الاشتراك فيها أيضا سنة 1925م.

[11]

فيما عرفت الجزائر بعد مصر، أول إعلان يظهر على صفحات جريدة (المبشر) الاستعمارية، وذلك يوم 15سبتمبر1830م عن كيفية الاشتراك في الجريدة أيضا. [12]

وهكذا يكون فن الإعلان بضاعة استعمارية دخيلة على العالم [ ص: 39 ] العربي والإسلامي، ولجت مجالات حياته عنوة مع الحملات الاستعمارية الغازية، حيث كان فن الإعلان -حسب قادة وخبراء الاستعمار- أحد أدوات التأطير والتأثير والتدجين الاستعماري الناجع للشعوب الإسلامية المستعمرة.

وبقي الإعلان الغربي -منذ أن أدخلته الحملات الاستعمارية- في العالم الإسلامي، بفلسفته ومنطلقاته وتقنياته ونماذجه ووسائله، مهيمنا على مجال الدعاية التجارية وغيرها من المجالات المرتبطة بفن الإعلان حتى مطالع الثمانينيات، حيث بدأت تظهر في بعض الدول العربية والإسلامية بعض الإعلانات المكتوبة والمسموعة والمرئية ذات الطابع الإسلامي.

التالي السابق


الخدمات العلمية