الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      [ ص: 410 ] فصل وهو أي : مريد الإحرام ( مخير بين التمتع والإفراد ، والقران ) ذكره جماعة إجماعا لقول عائشة { خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال : من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ومن أراد أن يهل بعمرة فليهلل قالت : وأهل بالحج وأهل به ناس معه وأهل ناس بالعمرة والحج وأهل ناس بالعمرة وكنت فيمن أهل بعمرة } متفق عليه وذهب طائفة من السلف والخلف أنه لا يجوز إلا التمتع وقاله ابن عباس وكره التمتع عمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير وبعضهم القران ، وروى الشافعي عن ابن مسعود أنه كان يكرهه ( وأفضلها التمتع ) في قول ابن عمر وابن عباس وعائشة وجمع ونص عليه في رواية صالح وعبد الله .

                                                                                                                      وقال لأنه آخر ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم قال إسحاق بن إبراهيم : كان اختيار أبي عبد الله الدخول بعمرة لقوله صلى الله عليه وسلم { لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولأحللت معكم } .

                                                                                                                      وفي الصحيحين أنه أمر أصحابه لما طافوا وسعوا أن يجعلوها عمرة إلا من ساق هديا " وثبت على إحرامه لسوقه الهدي وتأسف ولا ينقلهم إلا إلى الأفضل ولا يتأسف إلا عليه لا يقال : أمرهم بالفسخ ليس لفضل التمتع وإنما هو لاعتقادهم عدم جواز العمرة في أشهر الحج ; لأنهم لم يعتقدوه ثم لو كان لم يخص به من لم يسق الهدي ; لأنهم سواء في الاعتقاد ثم لو كان لم يتأسف لاعتقاده جوازها فيه وجعل العلة فيه سوق الهدي ; ولأن التمتع منصوص عليه في كتاب الله ولإتيانه بأفعالهما كاملة على وجه اليسر والسهولة مع زيادة نسك وهو الدم .

                                                                                                                      قال في رواية أبي طالب إذا دخل بعمرة يكون قد جمع الله له حجة وعمرة ودما ( ثم الإفراد ) لما في الصحيحين عن ابن عباس وجابر { أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج } .

                                                                                                                      وقال عمر وعثمان وجابر " هو أفضل الأنساك " لما ذكرنا ولإتيانه بالحج تاما من غير احتياج إلى آخر وأجاب أصحابنا عن الخبر : أنه أفرد عمل الحج عن عمل العمرة وأهل بالحج فيما بعد مع أن أكثر الروايات عن جابر ذكر أصحابه فقط وأجاب أحمد في رواية أبي طالب بأن هذا كان في أول الأمر بالمدينة [ ص: 411 ] أحرم بالحج فلما دخل مكة فسخ على أصحابه وتأسف على التمتع لأجل سوق الهدي فكان المتأخر أولى ( ثم القران ) وتقدم أنه صلى الله عليه وسلم { حج قارنا } والجواب عنه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية