الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 125 ] ( باب الطاء مع العين )

                                                          ( طعم ) ( س ) فيه : أنه نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم . يقال أطعمت الشجرة إذا أثمرت ، وأطعمت الثمرة إذا أدركت . أي : صارت ذات طعم وشيئا يؤكل منها . وروي : " حتى تطعم " . أي : تؤكل ، ولا تؤكل إلا إذا أدركت .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الدجال : " أخبروني عن نخل بيسان هل أطعم ؟ " . أي : هل أثمر .

                                                          ( س ) ومنه حديث ابن مسعود : " كرجرجة الماء لا تطعم " . أي : لا طعم لها . يقال أطعمت الثمرة إذا صار لها طعم . والطعم - بالفتح - : ما يوديه ذوق الشيء من حلاوة ومرارة وغيرهما ، وله حاصل ومنفعة . والطعم بالضم : الأكل . ويروى : " لا تطعم " بالتشديد . وهو تفتعل من الطعم ، كتطرد من الطرد .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث في زمزم : " أنها طعام طعم وشفاء سقم " . أي : يشبع الإنسان إذا شرب ماءها كما يشبع من الطعام .

                                                          ومنه حديث أبي هريرة في الكلاب : " إذا وردن الحكر الصغير فلا تطعمه " . أي : لا تشربه .

                                                          ( س ) ومنه حديث بدر : " ما قتلنا أحدا به طعم ، ما قتلنا إلا عجائز صلعا " . هذه استعارة . أي : قتلنا من لا اعتداد به ولا معرفة له ولا قدر . ويجوز فيه فتح الطاء وضمها ; لأن الشيء إذا لم يكن فيه طعم ولا له طعم فلا جدوى فيه للآكل ولا منفعة .

                                                          ( هـ ) وفيه : طعام الواحد يكفي الاثنين ، وطعام الاثنين يكفي الأربعة . يعني : شبع الواحد قوت الاثنين ، وشبع الاثنين قوت الأربعة . ومثله قول عمر عام الرمادة : لقد هممت أن أنزل على أهل كل بيت مثل عددهم ، فإن الرجل لا يهلك على نصف بطنه .

                                                          [ ص: 126 ] ( هـ ) وفي حديث أبي بكر : " إن الله إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعلها للذي يقوم بعده " . الطعمة - بالضم - : شبه الرزق ، يريد به ما كان له من الفيء وغيره . وجمعها طعم .

                                                          * ومنه حديث ميراث الجد : " إن السدس الآخر طعمة " . أي : أنه زيادة على حقه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث الحسن : " وقتال على كسب هذه الطعمة " . يعني : الفيء والخراج . والطعمة - بالكسر والضم - : وجه المكسب . يقال هو طيب الطعمة وخبيث الطعمة ، وهي بالكسر خاصة حالة الأكل .

                                                          * ومنه حديث عمر بن أبي سلمة : " فما زالت تلك طعمتي بعد " . أي : حالتي في الأكل .

                                                          ( هـ س ) وفي حديث المصراة : من ابتاع مصراة فهو بخير النظرين ; إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من طعام لا سمراء . الطعام : عام في كل ما يقتات من الحنطة والشعير والتمر وغير ذلك . وحيث استثنى منه السمراء وهي الحنطة فقد أطلق الصاع فيما عداها من الأطعمة ، إلا أن العلماء خصوه بالتمر لأمرين : أحدهما أنه كان الغالب على أطعمتهم ، والثاني أن معظم روايات هذا الحديث إنما جاءت صاعا من تمر ، وفي بعضها قال : " من طعام " ثم أعقبه بالاستثناء فقال : " لا سمراء " . حتى إن الفقهاء قد ترددوا فيما لو أخرج بدل التمر زبيبا أو قوتا آخر ، فمنهم من تبع التوقيف ، ومنهم من رآه في معناه إجراء له مجرى صدقة الفطر . وهذا الصاع الذي أمر برده مع المصراة هو بدل عن اللبن الذي كان في الضرع عند العقد . وإنما لم يجب رد عين اللبن أو مثله أو قيمته ; لأن عين اللبن لا تبقى غالبا ، وإن بقيت فتمتزج بآخر اجتمع في الضرع بعد العقد إلى تمام الحلب . وأما المثلية فلأن القدر إذا لم يكن معلوما بمعيار الشرع كانت المقابلة من باب الربا ، وإنما قدر من التمر دون النقد لفقده عندهم غالبا ، ولأن التمر يشارك اللبن في المالية والقوتية . ولهذا المعنى نص الشافعي رحمه الله أنه لو رد المصراة بعيب آخر سوى التصرية رد معها صاعا من تمر لأجل اللبن .

                                                          ( س ) وفي حديث أبي سعيد : " كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام ، أو صاعا [ ص: 127 ] من شعير " . قيل أراد به البر . وقيل : التمر ، وهو أشبه ; لأن البر كان عندهم قليلا لا يتسع لإخراج زكاة الفطر . وقال الخليل : إن العالي في كلام العرب أن الطعام هو البر خاصة .

                                                          ( س ) وفيه : إذا استطعمكم الإمام فأطعموه . أي : إذا أرتج عليه في قراءة الصلاة واستفتحكم فافتحوا عليه ولقنوه ، وهو من باب التمثيل تشبيها بالطعام ، كأنهم يدخلون القراءة في فيه كما يدخل الطعام .

                                                          * ومنه الحديث الآخر : " فاستطعمته الحديث " . أي : طلبت منه أن يحدثني وأن يذيقني طعم حديثه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية