الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما ترتيب الولاية فأولى الأولياء الأب ثم وصيه ثم وصي وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم وصي وصيه ثم القاضي ثم من نصبه القاضي وهو وصي القاضي وإنما تثبت الولاية على هذا الترتيب ; لأن الولاية على الصغار باعتبار النظر لهم لعجزهم عن التصرف بأنفسهم ، والنظر على هذا الترتيب ; لأن ذلك مبني على الشفقة وشفقة الأب فوق شفقة الكل ، وشفقة وصيه فوق شفقة الجد ; لأنه مرضي الأب ومختاره فكان خلف الأب في الشفقة وخلف الشيء قائم مقامه كأنه هو ، وشفقة الجد فوق شفقة القاضي ; لأن شفقته تنشأ عن القرابة والقاضي أجنبي ولا شك أن شفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي ، وكذا شفقة وصيه ; لأنه مرضي الجد وخلفه فكان شفقته مثل شفقته ، وإذا كان ما جعل له الولاية على هذا الترتيب كانت الولاية على هذا الترتيب ضرورة ; لأن ترتيب الحكم على حسب ترتيب العلة والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                وليس لمن سوى هؤلاء من الأم والأخ والعم وغيرهم ولاية التصرف على الصغير في ماله ; لأن الأخ والعم قاصرا الشفقة وفي التصرفات تجري جنايات لا يهتم لها إلا ذو الشفقة الوافرة ، والأم وإن كانت لها وفور الشفقة لكن ليس لها كمال الرأي لقصور عقل النساء عادة فلا تثبت لهن ولاية التصرف في المال ولا لوصيهن ; لأن الوصي خلف الموصي قائم مقامه فلا يثبت له إلا قدر ما كان للموصي وهو قضاء الدين والحفظ لكن عند عدم هؤلاء .

                                                                                                                                ولوصي الأم والأخ أن يبيع المنقول والعقار لقضاء دين الميت ، والباقي ميراث للصغير ثم ينظر إن كان واحد ممن ذكرنا حيا حاضرا فليس له ولاية التصرف أصلا في ميراث الصغير ; لأن الموصي لو كان حيا لا يملكه في حال حياته فكذا الوصي ، وإن لم يكن فله ولاية الحفظ لا غير إلا أنه يبيع المنقول لما أن بيع المنقول من باب الحفظ ; لأن حفظ الثمن أيسر وليس له أن يبيع العقار لاستغنائه عن الحفظ لكونه محفوظا بنفسه وكذا لا يبيع الدراهم والدنانير ; لأنها محفوظة وليس له أن يشتري شيئا على سبيل التجارة وله أن يشتري ما لا بد منه للصغير من طعامه وكسوته وما استفاد الصغير من المال من جهة أخرى سوى الإرث بأن وهب له شيء أو أوصي له به فليس له ولاية التصرف فيه أصلا عقارا كان أو منقولا ; لأنه لم يكن للموصى عليه ولاية فكذا الوصي .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية