الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا

                                                                                                                                                                                                                                      لا يملكون [ ص: 282 ] الشفاعة والذي يقتضيه مقام التهويل، وتستدعيه جزالة التنزيل أن ينتصب بأحد الوجهين الأولين. ويكون هذا استئنافا مبينا لبعض ما فيه من الأمور الدالة على هوله، وضميره عائدا إلى العباد المدلول عليهم بذكر الفريقين لانحصارهم فيهما. وقيل: إلى المتقين خاصة، وقيل: إلى المجرمين من الكفرة وأهل الإسلام. والشفاعة على الأولين مصدر من المبني للفاعل، وعلى الثالث: ينبغي أن تكون مصدرا من المبني للمفعول، وقوله تعالى: إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا على الأول استثناء متصل من لا يملكون. ومحل المستثنى إما الرفع على البدل، أو النصب على أصل الاستثناء. والمعنى: لا يملك العباد أن يشفعوا لغيرهم إلا من استعد له بالتحلي بالإيمان والتقوى، أو من أمر بذلك من قولهم: عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به، فيكون ترغيبا للناس في تحصيل الإيمان والتقوى المؤدي إلى نيل هذه الرتبة. وعلى الثاني: استثناء من الشفاعة على حذف المضاف، والمستثنى منصوب على البدل، أو على أصل الاستثناء، أي: لا يملك المتقون الشفاعة إلا شفاعة من اتخذ العهد بالإسلام، فيكون ترغيبا في الإسلام. وعلى الثالث: استثناء من لا يملكون أيضا، والمستثنى مرفوع على البدل، أو منصوب على الأصل، والمعنى: لا يملك المجرمون أن يشفع لهم إلا من كان منهم مسلما.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية