الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا .

( بل ) للإضراب ، فيجوز أن يكون إضراب انتقال من ذكر ضلالهم في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذكر ضلالهم في إنكار البعث على تأويل الجمهور قوله ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) كما تقدم .

ويجوز أن يكون إضراب إبطال لما تضمنه قوله : ( إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ) [ ص: 332 ] على تأويل ابن عطية من الوعد بإيتائه ذلك في الآخرة ، أي بل هم لا يقنعون بأن حظ الرسول عند ربه ليس في متاع الدنيا الفاني الحقير ولكنه في خيرات الآخرة الخالدة غير المتناهية ، أي أن هذا رد عليهم ومقنع لهم لو كانوا يصدقون بالساعة ، ولكنهم كذبوا بها فهم متمادون على ضلالهم لا تقنعهم الحجج .

والساعة : اسم غلب على عالم الخلود ، تسمية باسم مبدئه وهو ساعة البعث . وإنما قصر تكذيبهم على الساعة ؛ لأنهم كذبوا بالبعث فهم بما وراءه أحرى تكذيبا .

وجملة ( وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ) معترضة بالوعيد لهم ، وهو لعمومه يشمل المشركين المتحدث عنهم ، فهو تذييل . ومن غرضه مقابلة ما أعد الله للمؤمنين في العاقبة بما أعده للمشركين .

والسعير : الالتهاب ، وهو فعيل بمعنى مفعول ، أي : مسعور ، أي : زيد فيها الوقود ، وهو معامل معاملة المذكر ؛ لأنه من أحوال اللهب ، وتقدم في قوله تعالى : ( كلما خبت زدناهم سعيرا ) في سورة الإسراء . وقد يطلق علما بالغلبة على جهنم وذلك على حذف مضاف ، أي : ذات سعير .

التالي السابق


الخدمات العلمية