الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا الإشارة إلى القصص الذي قصه الله (تعالى) من أخبار موسى؛ وفرعون؛ وبني إسرائيل؛ وكيف سيطرت الأوهام؛ ودافعت العقول حتى حلت في العقول؛ وكيف طغى فرعون وتجبر؛ وذبح؛ واستضعف؛ وكيف نجى الله بني إسرائيل من عذابهم؛ ثم كيف غلب الوهم القديم؛ فدخل العقول بعد فضل الله عليهم.

                                                          و "كذلك "؛ في قوله (تعالى): كذلك نقص عليك الجار والمجرور متعلق بـ "نقص "؛ والتخريج يكون هكذا: "ونقص عليك من أنباء ما قد سبق مثل ذلك القصص الكاشف المبين لمنابت الضلال عند من يضلون؛ وينابيع الهداية التي يستقون منها الحقائق سقيا.

                                                          و "الأنباء "؛ جمع "نبأ "؛ وهو الخبر الخطير؛ ذو الشأن العظيم؛ وأي نبإ أعلى من العبرة من أنباء فرعون ذي الأوتاد؛ وموسى كليم الله؛ وبني إسرائيل الذين كانوا المثل في طرق الهداية؛ والتمرد عليها؛ والانفلات منها بأوهامهم التي يتوهمونها.

                                                          وقال - سبحانه -: من أنباء ما قد سبق "من "؛ للتبعيض؛ أي: بعض أنباء ما قد سبق؛ وأكد الله (تعالى) سبقهم بـ "قد "؛ ليتعلم أهل مكة منها؛ وأنهم ضلوا كما ضل هؤلاء؛ وستكون العقبى عندهم كالعاقبة التي حلت بهم؛ وأنه ينزل بهم ما نزل بغيرهم؛ وبين - سبحانه - الكتاب المنزل الذي ذكرت فيه هذه العبر؛ فقال (تعالى): وقد آتيناك من لدنا ذكرا الذكر هنا هو القرآن الكريم; لأنه المذكر؛ وهو رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ وقد عظم الله - سبحانه وتعالى - القرآن بعبارات سامية؛ أولا: بأنه عطاء الله [ ص: 4783 ] لنبيه - صلى الله عليه وسلم - وبينته الكبرى؛ وذكر أنه من لدنه؛ أي: من عنده؛ ووصفه بأنه مذكر؛ فهو ذكر القلوب ودواؤها؛ وطبها.

                                                          ثم قال (تعالى) - في جزاء من يعرض عنه؛ أو يجحد -:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية