الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وإذا تولى أي: أدبر وأعرض قاله الحسن، أو إذا غلب وصار واليا، قاله الضحاك.

                                                                                                                                                                                                                                      سعى أي: أسرع في المشي أو عمل في الأرض ليفسد فيها ما أمكنه.

                                                                                                                                                                                                                                      ويهلك الحرث والنسل كما فعله الأخنس، أو كما يفعله ولاة السوء بالقتل والإتلاف، أو بالظلم الذي يمنع الله - تعالى - بشؤمه القطر، و الحرث الزرع والنسل كل ذات روح يقال ينسل نسولا إذا خرج فسقط، ومنه نسل وبر البعير أو ريش الطائر، وسمي العقب من الولد نسلا لخروجه من ظهر أبيه وبطن أمه، وذكر الأزهري [ ص: 96 ] أن الحرث هنا النساء والنسل الأولاد، وعن الصادق: أن الحرث في هذا الموضع الدين والنسل الناس، وقرئ: ( ويهلك الحرث والنسل ) على أن الفعل للحرث والنسل، والرفع للعطف على سعى وقرأ الحسن بفتح اللام، وهي لغة: أبى يأبى، وروي عنه: ( ويهلك ) على البناء للمفعول.

                                                                                                                                                                                                                                      والله لا يحب الفساد 205 لا يرضى به، فاحذروا غضبه عليه، والجملة اعتراض للوعيد، واكتفى فيها على ( الفساد ) لانطوائه على الثاني؛ لكونه من عطف العام على الخاص، ولا يرد أن الله - تعالى - مفسد للأشياء قبل الإفساد، فكيف حكم - سبحانه - بأنه لا يحب الفساد؛ لأنه يقال: الإفساد - كما قيل في الحقيقة - إخراج الشيء عن حالة محمودة، لا لغرض صحيح، وذلك غير موجود في فعله - تعالى - ولا هو آمر به، وما نراه من فعله جل وعلا إفسادا فهو بالإضافة إلينا، وأما بالنظر إليه – تعالى - فكله صلاح، وأما أمره بإهلاك الحيوان مثلا لأكله فلإصلاح الإنسان الذي هو زبدة هذا العالم، وأما إماتته فأحد أسباب حياته الأبدية ورجوعه إلى وطنه الأصلي، وقد تقدم ما عسى أن تحتاجه هنا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية