الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في بيع فضل الماء

                                                                                                          1271 حدثنا قتيبة حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عمرو بن دينار عن أبي المنهال عن إياس بن عبد المزني قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الماء قال وفي الباب عن جابر وبهيسة عن أبيها وأبي هريرة وعائشة وأنس وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى حديث إياس حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنهم كرهوا بيع الماء وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحق وقد رخص بعض أهل العلم في بيع الماء منهم الحسن البصري [ ص: 409 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 409 ] قوله : ( عن إياس بن عبد ) بغير إضافة يكنى أبا عوف له صحبة يعد في أهل الحجاز قوله : ( نهى النبي عن بيع الماء ) وفي رواية غير الترمذي عن بيع فضل الماء ، وفيه دليل على تحريم بيع فضل الماء ، والظاهر أنه لا فرق بين الماء الكائن في أرض مباحة ، أو في أرض مملوكة وسواء كان للشرب ، أو لغيره وسواء كان لحاجة الماشية ، أو الزرع وسواء كان في فلاة ، أو في غيرها ، وقد خصص من عموم أحاديث المنع من البيع للماء ما كان منه محرزا في الآنية ؛ لأنه يجوز بيعه قياسا على جواز بيع الحطب إذا أحرزه الحاطب لحديث الذي أمره صلى الله عليه وسلم بالاحتطاب ليستغني به عن المسألة ، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة وهذا القياس بعد تسليم صحته إنما يصح على مذهب من جوز التخصيص بالقياس والخلاف في ذلك معروف في الأصول ، ولكنه يشكل على النهي عن بيع الماء على الإطلاق ما ثبت في الحديث الصحيح من أن عثمان رضي الله عنه اشترى نصف بئر رومة من اليهودي ، وسبلها للمسلمين بعد أن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من اشترى بئر رومة فيوسع بها على المسلمين فله الجنة " وكان اليهودي يبيع ماءها . الحديث ، فإنه كما يدل على جواز بيع البئر نفسها ، وكذلك العين بالقياس عليها يدل على جواز بيع الماء ؛ لتقريره صلى الله عليه وسلم لليهودي على البيع ، ويجاب بأن هذا كان في صدر الإسلام ، وكانت شوكة اليهود في ذلك الوقت قوية والنبي صلى الله عليه وسلم صالحهم في مبادي الأمر على ما كانوا عليه ، ثم استقرت الأحكام وشرع لأمته تحريم بيع الماء فلا يعارضه ذلك التقرير وأيضا الماء هنا دخل تبعا لبيع البئر ، ولا نزاع في جواز ذلك . انتهى كلام الشوكاني ملخصا قوله : ( وفي الباب عن جابر وبهيسة عن أبيها وأبي هريرة وعائشة وأنس وعبد الله بن عمرو ) أما حديث جابر فأخرجه مسلم عنه مرفوعا بلفظ : نهى عن بيع فضل الماء ، وأما حديث بهيسة عن أبيها فأخرجه أبو داود بلفظ : أنه قال يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه قال : الماء ، ثم أعاد فقال : الملح وفيه قصة ، وأعله عبد الحق ، وابن القطان بأنها لا تعرف لكن ذكرها ابن حبان ، وغيره في الصحابة ، كذا في التلخيص ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه ابن ماجه بسند صحيح : ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار ، وأما حديث عائشة فأخرجه ابن ماجه بلفظ أنها قالت : يا رسول الله [ ص: 410 ] ما الشيء الذي لا يحل منعه ؟ قال : " الماء والملح والنار " . الحديث وإسناده ضعيف ، وأما حديث أنس فأخرجه الطبراني في الصغير : خصلتان لا يحل منعهما الماء والنار ، وقال أبو حاتم في العلل : هذا حديث منكر ، وأما حديث ابن عمرو فأخرجه الطبراني بسند حسن ، كذا في التلخيص في كتاب إحياء الموات . قوله : ( حديث إياس حديث حسن صحيح ) أخرجه الخمسة إلا ابن ماجه .

                                                                                                          قوله ( والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم أنهم كرهوا بيع الماء إلخ ) استدلوا على هذا بأحاديث الباب ( وقد رخص بعض أهل العلم في بيع الماء إلخ ) وقد تقدم ذكر ما تمسكوا في كلام الشوكاني .




                                                                                                          الخدمات العلمية