الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          2260 - مسألة : هل لولي المقتول في ذلك حكم أم لا ؟ قال أبو محمد رحمه الله : نا حمام نا ابن مفرج نا الحسن بن سعد نا الدبري نا عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال : إن في كتاب لعمر بن الخطاب " والسلطان ولي من حارب الدين ، وإن قتل أباه ، أو أخاه ، فليس [ ص: 289 ] إلى طالب الدم من أمر من حارب الدين وسعى في الأرض فسادا شيء "

                                                                                                                                                                                          وقال ابن جريج : وقال لي سليمان بن موسى مثل هذا سواء سواء حرفا حرفا . وبه - إلى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال : عقوبة المحارب إلى السلطان ، لا تجوز عقوبة ولي الدم ذلك إلى الإمام ، قال : وهو قول أبي حنيفة ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأبي سليمان ، وأصحابهم قال أبو محمد رحمه الله : وبهذا نقول ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخبرين اللذين رويناهما من طريق ابن عباس ذكرناهما في " كتاب الحج " " وكتاب الصيام " " وباب وجوب قضاء الحج الواجب " . " وقضاء الصيام الواجب عن الميت " .

                                                                                                                                                                                          { اقضوا الله فهو أحق بالوفاء ، دين الله أحق أن يقضى } . وبقوله عليه السلام في حديث بريدة { كتاب الله أحق وشرط الله أوثق } قال أبو محمد رحمه الله : فلما اجتمع حقان : أحدهما لله ، والثاني لولي المقتول - كان حق الله تعالى أحق بالقضاء ودينه أولى بالأداء ، وشرطه المقدم في الوفاء على حقوق الناس ، فإن قتله الإمام ، أو صلبه للمحاربة ، كان للولي أخذ الدية في مال المقتول ; لأن حقه في القود قد سقط ، فبقي حقه في الدية ، أو العفو عنها ، على ما بينا في " كتاب القصاص " ولله الحمد . فإن اختار الإمام قطع يد المحارب ، ورجله ، أو نفيه : أنفذ ذلك ، وكان حينئذ للولي الخيار في قتله ، أو الدية ، أو المفاداة ، أو العفو ; لأن الإمام قد استوفى ما جعل الله تعالى له الخيار فيه - وليس هاهنا شيء يسقط حق الولي ، إذ ممكن له أن يستوفي حقه بعد استيفاء حق الله تعالى .

                                                                                                                                                                                          ولقد تناقض هاهنا الحنفيون ، والمالكيون ، أسمج تناقض ; لأنهم لا يختلفون في الحج ، والصيام ، والزكاة ، والكفارات ، والنذور ، بأن حقوق الناس أولى من حقوق الله تعالى - وأن ديون الغرماء أوجب في القضاء من ديون الله تعالى ، وأن

                                                                                                                                                                                          [ ص: 290 ] شروط الناس مقدمة في الوفاء على شروط الله تعالى - وقد تركوا هاهنا هذه الأقوال الفاسدة ، وقدموا حقوق الله تعالى على حقوق الناس - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية