الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى الفاء فاء السببية; لأن ما قبلها سبب لما بعدها؛ فالحكم بأنه عدو لآدم وزوجه مترتب على امتناعه عن السجود؛ وما سوغ له الامتناع؛ وهو توهمه أنه خير منه؛ وأنه يحسده على منزلته عند ربه؛ وأي عداوة أقوى من ذلك؛ وإذا كانت العداوة قد بدت فتوقع الشر؛ والإيذاء يقترن بها؛ لا محالة؛ ولذا أكد الله هذه العداوة؛ فقال: إن هذا عدو لك ولزوجك وأكد العداوة بـ "إن "؛ المفيدة للتوكيد؛ وبالجملة الاسمية؛ وبالإشارة; لأن الإشارة متجهة نحو ما بدا منه؛ وهو كلامه؛ وامتناعه عن السجود؛ فالإشارة تشير إلى سبب العداوة؛ وإذا ثبتت العداوة فلا بد أن يتوقع آدم نتائجها؛ وهي محاولة إخراجه من المكان الذي كرم فيه؛ وكان السجود والخضوع فيه؛ ولذا قال (تعالى): فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى "لا "؛ ناهية؛ والنهي [ ص: 4799 ] سببه العداوة؛ وقد أكد النهي بنون التوكيد الثقيلة؛ وبأن الخروج من الجنة؛ وأنه يترتب عليه الشقاء؛ وهنا ملاحظة بيانية؛ وهو أن النهي كان لهما؛ ولكن ذكر الشقاء لآدم؛ ونقول: إن الشقاء أيضا لهما؛ ولكن ذكر آدم وحده؛ لأن آدم يشقى شقاءين؛ شقاءه الذي يقع فيه؛ وشقاءه إذ يشقى به; لأن الرجال يتحملون التبعات عن أنفسهم وعن النساء; لأنهم قوامون عليهم؛ فأوجدت هذه القوامة تبعات عليهم أكثر؛ وفي طبيعة النساء اليوم تحميل الرجال التبعة؛ حتى على أخطائهن وحدهن.

                                                          بين له (تعالى) المتعة في الجنة؛ وهو أنه لا يتحمل تبعات أي أمر؛ ولا تكليف؛ فقال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية