الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ليس قبول شهادة الشاهد تقليدا له ]

الوجه التاسع والخمسون : قولكم : " وقد أمر الله بقبول شهادة الشاهد ، وذلك تقليد له " فلو لم يكن في آفات التقليد غير هذا الاستدلال لكفى به بطلانا ، وهل قبلنا قول الشاهد إلا بنص كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع الأمة على قبول قوله ; فإن الله سبحانه نصبه حجة يحكم الحاكم بها كما يحكم بالإقرار ، وكذلك قول المقر أيضا حجة شرعية ، وقبوله تقليد له ، كما سميتم قبول شهادة الشاهد تقليدا ، فسموه ما شئتم فإن الله سبحانه أمرنا بالحكم بذلك ، وجعله دليلا على الأحكام ; فالحاكم بالشهادة والإقرار منفذ لأمر الله ورسوله ، ولو [ ص: 180 ] تركنا تقليد الشاهد لم يلزم به حكم ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي بالشاهد وبالإقرار ، وذلك حكم بنفس ما أنزل الله لا بالتقليد ; فالاستدلالة بذلك على التقليد المتضمن للإعراض عن الكتاب والسنة وأقوال الصحابة ، وتقديم آراء الرجال عليها ، وتقديم قول الرجل على من هو أعلم منه واطراح قول من عداه جملة ، من باب قلب الحقائق وانتكاس العقول والأفهام ، وبالجملة فنحن إذا قبلنا قول الشاهد لم نقبله لمجرد كونه شهد به ، بل لأن الله سبحانه أمرنا بقبول قوله ، فأنتم معاشر المقلدين إذا قبلتم قول من قلدتموه قبلتموه لمجرد كونه قاله أو لأن الله أمركم بقبول قوله وطرح قول من سواه .

التالي السابق


الخدمات العلمية