الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 545 ] فصل

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وبني لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، حول مسجده الشريف حجر; لتكون مساكن له ولأهله ، وكانت مساكن قصيرة البناء ، قريبة الفناء ، قال الحسن بن أبي الحسن البصري - وكان غلاما مع أمه خيرة مولاة أم سلمة - : لقد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي صلى الله عليه وسلم بيدي . قلت : إلا أنه قد كان الحسن البصري شكلا ضخما طوالا ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال السهيلي في " الروض " : كانت مساكنه عليه الصلاة والسلام مبنية من جريد عليه طين ، بعضها من حجارة مرضومة ، وسقوفها كلها من جريد . وقد حكى عن الحسن البصري ما تقدم ، قال : وكانت حجره من شعر مربوطة بخشب من عرعر . قال : وفي " تاريخ البخاري " أن بابه عليه الصلاة والسلام كان يقرع بالأظافير . فدل على أنه لم يكن [ ص: 546 ] لأبوابه حلق . قال : وقد أضيفت الحجر كلها بعد موت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال الواقدي و ابن جرير وغيرهما : ولما رجع عبد الله بن أريقط الديلي إلى مكة ، بعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر زيد بن حارثة وأبا رافع موليي رسول الله صلى الله عليه وسلم; ليأتوا بأهاليهم من مكة ، وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم; ليشتروا بها إبلا من قديد . فذهبوا فجاءوا ببنتي النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وأم كلثوم ، وزوجتيه سودة وعائشة ، وأمها أم رومان ، وأهل النبي صلى الله عليه وسلم ، وآل أبي بكر ، صحبة عبد الله بن أبي بكر ، وقد شرد بعائشة وأمها أم رومان الجمل في أثناء الطريق ، فجعلت أم رومان تقول : واعروساه وابنتاه . قالت عائشة : فسمعت قائلا يقول : أرسلي خطامه . فأرسلت خطامه ، فوقف بإذن الله وسلمنا الله عز وجل . فتقدموا ، فنزلوا بالسنح ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة في شوال بعد ثمانية أشهر ، كما سيأتي ، وقدمت معهم أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العوام ، وهي حامل متم بعبد الله بن الزبير ، كما سيأتي بيانه في موضعه من آخر هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية