الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : غسل الإناء من نجاسة ما سوى الكلب

                                                                                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : " ويغسل الإناء من النجاسة سوى ذلك ثلاثا أحب إلي ، فإن غسله واحدة تأتى عليه طهرا " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال ما سوى ولوغ الكلب من سائر النجاسات ، فالواجب غسله مرة واحدة إلا أن يكون ذا أثر فيغسل حتى يزول الأثر وقال أبو حنيفة : سائر النجاسات في حكم الولوغ يغسل ثلاثا إما استحبابا ، وإما واجبا على أن اختلاف أصحابه في الثلاث هل هي واجبة في الولوغ أو مستحبة وقال أحمد بن حنبل : سائر النجاسات كالولوغ في وجوب غسلها ثمان مرات .

                                                                                                                                            ودليلنا على جواز الاقتصار في غسلها على مرة واحدة قوله - صلى الله عليه وسلم - لأسماء بنت أبي بكر [ ص: 313 ] وقد سألته عن دم الحيض يصيب الثوب " حتيه ثم اقرصيه بالماء " ولم يوقت لها في ذلك ثلاثا ولا سبعا ، وقال في بول الأعرابي : " صبوا عليه ذنوبا من ماء " ، ولأن التكرار لما لم يزل في الحدث مستحقا فأحرى أن لا يكون في النجاسة مستحقا ، ولأنها نجاسة لم يرد الشرع بأنه يجمع فيها بين الطهورين ، فلم تستحق العدد ، وتطهيرها كالأعيان ، لأن أبا حنيفة يعتبر العدد في النجاسة التي هي أثر ، ولا يعتبره في النجاسة التي هي عين ، ولأنها نجاسة متولدة عن أصل طاهر فلم يستحق فيها العدد كدم الشاة فإذا ثبت أن الواجب مرة ، فالمستحب غسله ثلاثا لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلهما ثلاثا " فلما أمر بالثلاث مع الشك في النجاسة ، كان الأمر بها مع نفس النجاسة أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية