الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب استحباب الوضوء لمن أراد النوم

                                                                                                                                            278 - ( عن البراء بن عازب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت نفسي إليك ، ووجهت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك رغبة ورهبة إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك قال : لا ونبيك الذي أرسلت } . رواه أحمد والبخاري والترمذي ) .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            قوله : ( فتوضأ ) ظاهره استحباب تجديد الوضوء لكل من أراد النوم ، ولو كان على طهارة ، ويحتمل أن يكون مخصوصا بمن كان محدثا . وقد روى هذا الحديث الشيخان وغيرهما من طرق عن البراء ليس فيها ذكر الوضوء إلا في هذه الرواية ، وكذا قال الترمذي وقد ورد في الباب حديث عن معاذ بن جبل أخرجه أبو داود ، وحديث عن علي أخرجه البزار ، وليس واحد منهما على شرط البخاري .

                                                                                                                                            قوله : ( فأنت على الفطرة ) المراد بالفطرة هنا السنة . قوله : ( واجعلهن آخر ما تتكلم به ) في رواية الكشميهني من آخر وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا من المشروع من الذكر قوله : ( لا ونبيك ) قال الخطابي : فيه حجة لمن منع رواية الحديث بالمعنى ، قال : ويحتمل أن يكون أشار بقوله : ونبيك الذي أرسلت إلى أنه كان نبيا قبل أن يكون رسولا ، ولأنه ليس في قوله : ورسولك الذي أرسلت وصف زائد بخلاف قوله : ونبيك الذي أرسلت ، وقال غيره : ليس فيه حجة على منع ذلك ; لأن لفظ الرسول ليس بمعنى لفظ النبي ، ولا خلاف في [ ص: 269 ] المنع إذا اختلف المعنى ، فكأنه أراد أن يجمع الوصفين صريحا ، وإن كان وصف الرسالة يستلزم وصف النبوة ، أو لأن ألفاظ الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ ، وتقدير الثواب ، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر ، ولو كان يرادفه في الظاهر ، أو لعله أوحي إليه بهذا اللفظ فرأى أن يقف عنده ، أو ذكره احترازا ممن أرسل من غير نبوة ، كجبريل وغيره من الملائكة ; لأنهم رسل لا أنبياء ، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس ، أو ; لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول ; لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل ، بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفا .

                                                                                                                                            وعلى هذا فقول من قال : كل رسول نبي من غير عكس ، لا يصح إطلاقه ، قاله الحافظ . واستدل به بعضهم على أنه لا يجوز إبدال لفظ قال نبي الله مثلا في الرواية بلفظ : قال رسول الله ، وكذا عكسه . قال الحافظ : ولو أجزنا الرواية بالمعنى فلا حجة له فيه ، وكذا لا حجة فيه لمن أجاز الأول دون الثاني ، لكون الأول أخص من الثاني ; لأنا نقول الذات المخبر عنها في الرواية واحدة ، فبأي وصف وصفت تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ، ولو تباينت معاني الصفات ، كما لو أبدل اسما بكنية أو كنية باسم فلا فرق وللحديث فوائد مذكورة في كتاب الدعوات من الفتح .




                                                                                                                                            الخدمات العلمية