الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الرخصة في كسب الحجام

                                                                                                          1278 حدثنا علي بن حجر أخبرنا إسمعيل بن جعفر عن حميد قال سئل أنس عن كسب الحجام فقال أنس احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحجمه أبو طيبة فأمر له بصاعين من طعام وكلم أهله فوضعوا عنه من خراجه وقال إن أفضل ما تداويتم به الحجامة أو إن من أمثل دوائكم الحجامة قال وفي الباب عن علي وابن عباس وابن عمر قال أبو عيسى حديث أنس حديث حسن صحيح وقد رخص بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم في كسب الحجام وهو قول الشافعي [ ص: 416 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 416 ] قوله : ( عن حميد ) بالتصغير هو حميد الطويل ( وحجمه أبو طيبة ) بفتح مهملة فسكون تحتية ، ثم باء موحدة عبد لبني بياضة ، واسمه نافع ، أو دينار ، أو مسيرة أقوال . ( وأمر أهله ) أي : ساداته ( فوضعوا عنه من خراجه ) بفتح الخاء المعجمة هو ما يقدره السيد على عبده في كل يوم ، ويقال له ضريبة وغلة ( أو إن من أمثل دوائكم ) أي : من أفضل دوائكم و أو للشك . قوله : ( وفي الباب عن علي ) لينظر من أخرجه ( وابن عباس ) أخرجه البخاري ، ومسلم ( وابن عمر ) لينظر من أخرج حديثه . قوله : ( حديث أنس حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ، ومسلم قوله : ( وقد رخص بعض أهل العلم إلخ ) قال الحافظ في الفتح : اختلف العلماء في هذه المسألة فذهب الجمهور إلى أنه حلال ، واحتجوا بهذا الحديث يعني : بحديث ابن عباس قال : احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره ، ولو علم كراهية لم يعطه قال وقالوا : هو كسب فيه دناءة ، وليس بمحرم فحملوا الزجر عنه على التنزيه ، ومنهم من ادعى النسخ ، وأنه كان حراما ، ثم أبيح وجنح إلى ذلك الطحاوي ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال ، وذهب أحمد وجماعة إلى الفرق بين الحر والعبد ، وقد ذكرنا مذهب أحمد فيما تقدم نقلا عن الفتح ، قال الحافظ : وجمع ابن العربي بين قوله صلى الله عليه وسلم " كسب الحجام خبيث " ، وبين إعطائه الحجام أجرته . بأن محل الجواز ما إذا كانت الأجرة على عمل معلوم ، ويحمل الزجر على ما إذا كان على عمل مجهول ، قال : وفي الحديث الأجرة على المعالجة بالطب والشفاعة إلى أصحاب الحقوق أن يخففوا منها ، وجواز مخارجة السيد لعبده كأن يقول له : أذنت لك أن تكتسب على أن تعطيني كل يوم ، كذا ، وما زاد فهو لك . انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية