الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ نظام الدين أحمد بن الشيخ جمال الدين محمود بن أحمد بن عبد السلام الحصيري الحنفي مدرس النورية ، توفي ثامن المحرم ، ودفن في تاسعه يوم الجمعة في مقابر الصوفية ، كان مفتيا فاضلا ، ناب في الحكم في وقت ، [ ص: 713 ] ودرس بالنورية بعد أبيه ، ودرس بعده الشيخ شمس الدين بن الصدر سليمان في يوم الأربعاء رابع عشر المحرم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن النقيب المفسر ، الشيخ الإمام العالم الزاهد جمال الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن الحسن بن الحسين البلخي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ثم المقدسي الحنفي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد في النصف من شعبان سنة إحدى عشرة وستمائة بالقدس ، واشتغل بالقاهرة وأقام مدة بالجامع الأزهر ، ودرس في بعض المدارس هناك ، ثم انتقل إلى القدس ، فاستوطنه إلى أن مات في المحرم منها ، وكان شيخا فاضلا في التفسير ، وله فيه مصنف حافل كبير ، جمع فيه خمسين مصنفا من التفاسير ، وكان الناس يقصدون زيارته بالقدس الشريف ، ويتبركون به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ أبو يعقوب المغربي المقيم بالقدس

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان الناس يجتمعون به وهو منقطع بالمسجد الأقصى ، وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية يقول فيه : هو على طريقة ابن عربي وابن سبعين . توفي في المحرم من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التقي توبة الوزير

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصاحب الكبير الصدر الوزير تقي الدين توبة بن علي بن مهاجر بن شجاع بن توبة الربعي التكريتي ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد سنة عشرين وستمائة يوم [ ص: 714 ] عرفة بعرفة ، وتنقل في الخدم إلى أن صار وزيرا بدمشق مرات عديدة ، حتى توفي ليلة الخميس ثاني جمادى الآخرة ، وصلي عليه غدوة بالجامع وسوق الخيل ، ودفن بتربته تجاه دار الحديث الأشرفية بالسفح ، وحضر جنازته القضاة والأعيان ، رحمه الله ، وباشر بعده نظر الدواوين فخر الدين بن الشيرجي ، وأخذ أمين الدين بن الهلال نظر الخزانة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأمير الكبير شمس الدين بيسري

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      كان من أكابر الأمراء المقدمين في خدمة الملوك من زمن قلاوون وهلم جرا ، توفي في السجن بقلعة مصر ، وعمل له عزاء بالجامع الأموي ، وحضره نائب السلطنة الأفرم والقضاة والأعيان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      السلطان الملك المظفر تقي الدين محمود بن ناصر الدين محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب حماة ، وابن ملوكها كابرا عن كابر ، توفي يوم الخميس الحادي والعشرين من ذي القعدة ، ودفن ليلة الجمعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الملك الأوحد نجم الدين يوسف بن الملك الناصر داود بن المعظم ناظر القدس الشريف ، توفي به ليلة الثلاثاء الرابع من ذي الحجة ، ودفن برباطه عند [ ص: 715 ] باب حطة عن سبعين سنة ، وحضر جنازته خلق كثير ، وكان من خيار أبناء الملوك دينا وفضيلة وإحسانا إلى الضعفاء ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      القاضي شهاب الدين يوسف بن الصاحب محيي الدين بن النحاس

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد رؤساء الحنفية ، ومدرس الريحانية والظاهرية ، وقد ولي نظر الخزانة ونظر الجامع في وقت ، وكان صدرا كبيرا كافيا ، توفي ببستانه بالمزة ثالث عشر ذي الحجة ، ودرس بعده بالريحانية القاضي جلال الدين بن حسام الدين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الصدر الكبير الرئيس الصاحب أمين الدين أبو الغنائم ، سالم بن محمد بن سالم بن الحسن بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي كان أسن حالا من أخيه القاضي نجم الدين بن صصرى ، وقد سمع الحديث وأسمعه ، وكان صدرا معظما ، ولي نظر الدواوين ونظر الخزانة ، ثم ترك المناصب وحج وجاور بمكة ، ثم قدم دمشق ، فأقام بها دون السنة ومات ، توفي يوم الجمعة الثامن والعشرين ذي الحجة ، وصلي عليه بعد الجمعة بالجامع ، ودفن بتربتهم بسفح قاسيون ، وعمل عزاؤه بالصاحبية .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 716 ] ياقوت بن عبد الله ، أبو الدر المستعصمي الكاتب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لقبه جمال الدين ،
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأصله رومي ، كان فاضلا ، مليح الخط مشهورا بذلك ، كتب ختما حسانا ، وكتب الناس عليه ببغداد ، وتوفي بها في هذه السنة ، وله شعر رائق ، فمنه ما أورده البرزالي في " تاريخه " عنه :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      تجدد الشمس شوقي كلما طعلت إلى محياك يا سمعي ويا بصري     وأسهر الليل في أنس بلا ونس
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذ طيب ذكراك في ظلماته يسري     وكل يوم مضى لا أراك به
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلست محتسبا ماضيه من عمري     ليلي نهار إذا ما درت في خلدي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأن ذكرك نور القلب والبصر

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية